صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب الآثار والعمارة في اليونان القديمة، وهو من تأليف الباحث سليمان سمير غانم، المتخصص في التاريخ القديم الإغريقي والروماني، والعامل على توثيق التراث المعماري الإغريقي - الروماني في المدن السورية والعربية. يتضمن الكتاب مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، تتمحور حول تاريخ التفاعل بين المنطقة العربية والتراث الإغريقي، ويحتوي على دراسة وافية عن المكتشفات الأثرية للمدن اليونانية القديمة والتأثير المتبادل مع المدن المحيطة بها والبلدان الأخرى، ومنها المنطقة العربية. يقع الكتاب في 567 صفحة، شاملةً ببليوغرافيا وفهرسًا عامًّا.
هل للعرب علاقة بالحضارة اليونانية، المُصنفة أكاديميًّا إحدى أهم الحضارات القديمة؟ بعد اختراع الكتابة في الألف الرابعة قبل الميلاد وما أحدثه التدوين من نقلة نوعية في التفكير البشري، نشأت حضارات عدة في منطقةٍ على ضفاف المتوسط اعتُبرت قلب العالم القديم، هي الشرق الأدنى: العراق، ومصر، وسوريا، لتتبعها لاحقًا الحضارة اليونانية في منطقة جنوب شرق القارة الأوروبية، ثم الحضارة الرومانية التي سيطرت على المنطقة في نهاية التاريخ القديم، بالتزامن مع حضارات كانت تنمو بالتوازي مع هذه الحضارات، كالهندية والفارسية الصينية ... وغيرها، وشكلت جميعًا أساس التاريخ القديم، بتفاعلاته وأحداثه وتطور الفكر الإنساني فيه الذي وصل في العصور الوسطى إلى الحضارتين العربية الإسلامية والبيزنطية المسيحية، ثم في عصر النهضة وبعده إلى الحضارة الأوروبية.
لا يمكن أن تمر هذه الحضارات التاريخية مرورًا عابرًا في الفكر الإنساني، فهي قد ترسّخت - شرقيةً كانت أم غربيةً – تفكيرًا واعيًا في عقل الإنسان المُعاصر، ومنها الحضارة اليونانية، التي قام كتاب الآثار والعمارة في اليونان القديمة بتوضيح أهم مفاهيمها الحضارية للدارسين والمهتمين العرب.
ومن أكثر مفاهيم الحضارة أهمية لدى اليونان الفلسفة، التي مارسوها منذ بداية تاريخهم حتى اندثاره، وجعلوا ميدانها العقل منذ زمن طاليس حتى زمن أرسطو، لتترسخ بعدهما بوصفها جزءًا من ثقافة عالمية تبحث في أصول الأشياء والظواهر وعقلنتها.
مفهوم حضاري آخر بالغ الأهمية أنجبته العقلية اليونانية وخصّت به شكل الحُكم السياسي، هو مفهوم الديمقراطية الشعبية، المتمثلة في مشاركة هيئات شعبية في تقرير منحى الحياة السياسية، والتي عاشتها مدينة أثينا خلال حكم كليسثنيس Cleisthenes في نهاية القرن السادس قبل الميلاد، وخلال حكم بريكليسِ Pericles في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، حتى امتدّ تأثير أول مشاركة لشعب في حكم الدولة في التاريخ القديم إلى دول الغرب المعاصرة، وهو أمر لا شك في أنه يُحسَب للحضارة اليونانية.
مفهوم آخر لافت في الحضارة اليونانية كان الأدب، الذي أوجد الأسطورة والملحمة الشعرية والفن والمسرح، والأخير هو الجدّ الأول للمسرح الحديث والدراما التلفزيونية والسينما.
وبناءً على ما سلف، فعندما نخوض تحليلًا للتاريخ اليوناني لا نكون منقطعي الصلة بواقعنا وبإنساننا المعاصر وشكل حياته، بل نحلّل حضارة حيّة لا نزال نعيش في خضمّها حتى اليوم، ومن هنا كانت دراستها مُهمة على الصعيد الإنساني لعالمنا العربي، الذي كثيرًا ما يُطرَح فيه سؤالان: ما فائدة دراسة الحضارة اليونانية؟ وما علاقة ثقافتنا بها؟ وللإجابة عنهما نحتاج إلى الإحاطة بعلاقات العرب واليونان قديمًا، إذ إن القرب الجغرافي بينهما لا يمكن أن يكون خُلوًا من تأثيرات وتفاعلات حضارية متبادلة بين الطرفين، كتأثّر الحضارة اليونانية نفسها - بحكم التمازج التاريخي في المنطقة - بالحضارات الشرقية وتأثيرها فيها، كالمصرية والبابلية والفينيقية، والأخيرة أثّرت جليًّا في الأبجدية اليونانية، في حين أثّرت الأولى والثانية في الأساطير والأديان اليونانية، وفي الفن اليوناني كذلك، إذ طبعت الحضارة المصرية العمارةَ والنحتَ الفني اليونانيَّين بسِماتها.
في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، ومع قدوم اليونانيين بعد فتوحات الإسكندر وحكمهم المنطقة العربية قرابة ألف عام، أثّرت الحضارة اليونانية في العالم العربي تأثيرًا مباشرًا، وبالأخص في ما يتعلق بمدنه التاريخية والإرث المادي الكبير الذي خلّفه اليونانيون فيها.
أما في الحقبة الإسلامية، وهو موضوع بالغ الأهمية، فقد تكفّلت ترجمة العرب في العصر العباسي جزءًا كبيرًا من إرث اليونان الفلسفي والعلمي وشرحه والتعليق عليه، وخصوصًا مؤلفات أفلاطون وأرسطو، بعدم ضياعه ووصوله بعد ذلك إلى أوروبا عصر النهضة، وأوروبا المتشاطئة مع الحضارة الأندلسية، حتى بات ممكنًا القول إنه لولا العرب لضاعت علوم الفلسفة اليونانية في العصور الوسطى.
تفيدنا دراسة الحضارة اليونانية الرومانية، نحن العرب، في فهم العقلية الأوروبية المُتشبعة بهذه الحضارة، وتسهّل موضوع التواصل والتعرف إلى آلية التفكير الغربية، وتلبّي حاجتنا العلمية إلى فهم العمارة والآثار اليونانية، وهي بوابة أساسية لفهم مدنية الإنسان الأوروبي المعاصر، وإلى دراسة الآثار والعمارة اليونانية، وهي إرث مادي ضخم يشكّل ميدانَ دراسةٍ واسعًا للمعماريين والأثريين والمؤرخين.
الإشكالية العلمية في الكتاب
حاول كتابنا الآثار والعمارة في اليونان القديمة سد نقص المادة العلمية العربية عن الآثار والعمارة اليونانية، وهو أمرٌ تفتقر إليه جامعاتنا، وسعى نحو فهم الحضارة اليونانية فهمًا أعمق عبر دراسة قلب المدينة اليونانية الأثري والمعماري ومحاولة فهمه، فركَّز على دراسة مباني المدينة اليونانية وأمكنتها التي كانت ميدانًا لمناقشة القضايا الفكرية الفلسفية، مثل الآغورا والأروقة اليونانية وأبنية الليسخاي (الأندية الاجتماعية)، أو المباني اليونانية التي مثّلت الديمقراطيةَ، كمبنى البوليتيريون ومبنى الإكليزياستريون، أو المباني التي مارس عليها الإغريق اليونانيون خطابَتهم، كمبنى البنيكس. يقوم البحث في هذا الكتاب عبر دراسة هذه الأبنية وغيرها، مثل المعابد والمسارح والفنادق والملاعب الرياضية، بربط الفكر الحضاري بعلم الآثار والعمارة وجعله شاهدًا توثيقيًّا على هذه المفاهيم الإنسانية العليا.
يتناول الكتاب بدايات علم الآثار اليونانية وروّاده الأوائل، واكتشاف المدن ومكتشفيها، والأبنية الأثرية المُكتشَفة وما قدّمته من معطيات حضارية، والمراكز الأثرية للمدن الرئيسة وتلك البعيدة عن المركز ولكنها ذات تأثير معنوي في التاريخ اليوناني، ويستعرض الخبرة التجريبية الراسخة التي راكمها هذا العلم في عصرنا، بدءًا من الرحالة الإيطالي شيرياكو دي آنكونه (الأنكوني) Ciriaco di Ancon، الذي زار اليونان ورسم خرائطها ومواقعها الأثرية، وعُدَّ في الغرب الأب الروحي لعلم الآثار، وصولًا إلى ظهور علم الطوبوغرافيا المنفصل عن علم الآثار بأدوات خاصة في المسح والكشف والتنقيب والتحليل أدت إلى اكتشاف مدينتَي هيركولانيوم الإيطالية عام 1719، وبومبي عام 1748 وغيرهما، ودراسة عالم الآثار ومؤرخ الفن الألماني يوهان يواخيم فينكلمان آثار هذه المدن، مميِّزًا بين اليونانية والرومانية فيها، وواضعًا سمات العمارة اليونانية وتطورها، الأمر الذي توَّج فينكلمان بوصفه المؤسس الحقيقي لعلم الآثار الأكاديمي الحديث.
جاءت الدفعة الثانية من تطور العلم لاحقًا مع اكتشافات المدن الأثرية اليونانية في نهاية القرن التاسع عشر، كطروادة في آسيا الصغرى (1870)، وموكيناي في أرغوليس في اليونان (1876) على يد عالم الآثار الألماني هاينريش شليمان، وكنوسوس في جزيرة كريت على يد عالم الآثار البريطاني آرثر إيفانس عام 1900، وبهذه الاكتشافات أسست أوروبا الأكاديميات المتخصصة وأرسلت طلابها إلى اليونان لدراسة آثار المدن اليونانية والتنقيب في مواقعها، فنجحت في إخراج الكثير من الآثار الحضارية اليونانية إلى النور، فاكتشف إيفانس الحضارة المينوية.
الحضارة المينوية
نشأت خلال العصر البرونزي (في أوائل الألف الثالثة) واندثرت في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وقامت أدلة على استخدام نوعٍ من الكتابة اليونانية القديمة فيها تسمّى "الرموز المينوية" أو "الكتابة الخطية" على الألواح الفخارية وأوراق البردي، إضافة إلى توسّع تلك الحضارة بحريًّا، عبر إنشاء المستعمرات والموانئ، وبناء جيش قوي يحمي المدينة، وعمارة قصور تتميز بالزخرفات الجميلة والرسوم المُبهرة وتقنيات تمديد شبكات المياه. وقد اكتشف علماء الآثار قصورًا كثيرة مدمرة في كنوسوس، انقسم رأيهم في سبب تدميرها قسمين: إما أنه لعوامل طبيعية، وإما بسبب هجوم الموكينيين، الذين سيطروا على المنطقة في عام 1300 ق. م.
الحضارة الموكينية
هي حضارة اليونان في العصر البرونزي المُتأخر (1700-1100 ق. م.). اكتسبت اسمها من مدينة موكيناي التي اكتشفها شليمان. قامت الحضارة الموكينية في شبه جزيرة البيلوبونيز، وشهِدت تأسيس مراكز قوية في المدن المجاورة، مثل بيلوس، وتيرنس، وأثينا، وطيبة ... وغيرها، كانت مُستقلة سياسيًّا بعضها عن بعض، لكنها كانت متجانسة ثقافيًّا، واستَخدمت "الكتابة المقطعية". أنجبت الحضارة الموكينية عمارة لافتة في ما يتعلق بالمدافن الجنائزية (مقابر ثولوس)، وأعمالًا معمارية دفاعية تمثّلت في الجدران السيكلوبية، وصناعات فخارية وحديدية كصناعة الأسلحة، وتميّزت أيضًا بريادة بحرية سيطرت على حوض البحر الأبيض المتوسط، ثم جزيرة كريت، وبحر إيجة، وسواحل الأناضول، وبلاد الشام بأكملها، إلى أن بدأ انهيارها في القرن الحادي عشر قبل الميلاد، طابعةً اليونان بسماتٍ قادت إلى ثقافة اليونان الكلاسيكية لاحقًا.
حضارة طروادة
تقع طروادة عند مدخل البحر الأسود، اكتشف شليمان بقاياها عام 1870م تحت أنقاض تل حصارلك في تركيا. اشتُهر من ملوكها بريام، الذي تسبّب ابنُه باريس بهجوم جيش أغاممنون اليوناني عليها لاختطافه هيلين زوجة ملكها مينلاوس، وتمكُّن أغاممنون من تدميرها بعد حصار دام سنواتٍ عشرًا، وهي حرب حيكت حولها أساطير ضخمة، من أهمها قصيدتا الشاعر اليوناني هوميروس "الإلياذة" و"الأوديسة". وكشف شليمان أن السكن في طروادة استمر منذ 3200 حتى 100 ق. م. تقريبًا. وكشفت حفريات طروادة تمتّعَها بمستوى عالٍ من الازدهار، منها "كنز الملك بريام"، الذي تضمّن إلى جانب المجوهرات أسلحة مصنوعة بتقنية عالية. وقد درس موقع المدينة الأثري بعد شليمان كل من عالم الآثار الألماني وليام دوربفيلد، وعالم الآثار الأميركي كارل بلجين، وتناول كتابنا نتائج عملهما.
المعابد والمسارح والأبنية اليونانية
يركزُ كتابنا على دراسة مبنى "المعبد اليوناني" القديم، الذي اعتبره اليونانيون بيت الآلهة الرئيس، فاعتنوا عنايةً خاصة بعمارته وموقعه، إضافةً إلى عمارة معابد يونانية أخرى دوريةٍ وأيونيةٍ وكورنثية. وتناول الكتاب كذلك، بالدرس، الأضاحي التي كانت تُقام قُرب المعبد، وخزائن تبرعات سكان المدينة الملحقة بالمعبد. ويتطرق إلى دراسة مبنى المسرح اليوناني وأجزائه، وأهم المسارح اليونانية القديمة، ثم دراسة الأبنية المدنية اليونانية، من منازل الأفراد العاديين إلى أبنية الفنادق المخصصة للنزلاء من الخارج، لينتقل إلى بحث الأبنية السياسية، التي كانت تستضيف ممثلي الهيئات السياسية، مثل: البريتانيون، والبوليتيريون، والإكليزستريون، والبنيكس. وتناول أيضًا بالتفصيل أبنية القصور المينوية والموكينية اليونانية القديمة، ووظيفتها وإنجازات النّخب التي سكنتها. وبحث في الأبنية الرياضية، كالجيمنازيون، والإستاديون، المخصصَين للتدرُّب وإقامة المنافسات الرياضية، وأهمها مسابقة الجري. وأخيرًا، عرج الكتاب على معمارية مباني الحمّامات اليونانية، موضحًا نواحيها الصحية والاجتماعية.
الآغورا
يوضح الكتاب أهمية الآغورا في حياة اليونانيين الاقتصادية والاجتماعية، فقد كانوا يلتقون في شوارعها لإتمام مبادلاتهم التجارية والاقتصادية، ويتناول الكيفية التي بُنيت حول ساحاتها الأروقة والأبنية المسمّاة "الليسخاي" بهدف حماية قاصدي الساحات من حرارة الشمس صيفًا والأمطار شتاءً.
المراكز الأثرية
أولى الكتاب أهمية كبرى للحديث عن المدن الرئيسة في التاريخ اليوناني بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد، وهي على التوالي: أثينا، وإسبرطة، وكورنثة، وطيبة، فبدأ بتل أكروبول في أثينا ومعابده، ثم الأبنية المدنية على سطحه، وبواباته، وطرقاته الشهيرة، وجدرانه، وبواباته، لينتقل بعدها إلى درس أهم أبنية إسبرطة الدينية والأثرية، ثم مسارحها، ثم ضريح الملك ليونيداس. أما كورنثة، فتطرّق إلى مركزها الأثري أكروكورينثوس، وقام باستعراض آثارها ودراستها، ثم معبد الإله أبولو، ثم مبنى البوليتيريون، فأبنية الينابيع، غلاوكي وبيريني وغيرهما. وأخيرًا، تناول الكتاب بالبحث مدينة طيبة اليونانية ومركزها الأثري وأبنيتها، كقصر الموكيني المعروف بـ "الكادميون"، ومعبد الإله أبولو إسمينيوس، ومبنى نبع ديركي، ومبنى الأرشيف المعروف بـ "أرسينالي"، إضافة إلى معبدّي الكابيريون والأمفياريون. وكان ختام المباني بأهم مركزين معنويين للإغريق في تاريخهم الديني السياسي، هما موقعا دلفي وأوليمبيا، لما كان لهما من دور في توحيد اليونانيين في التاريخ القديم.
المراكز الدينية اليونانية
يتناول الكتاب بالبحث مراكز دينية لم تكن في مدن رئيسة في اليونان القديمة، ولكنها كانت ذات أهمية كبرى في الذاكرة الجمعية لليونانيين، وتنبع أهميتها من ورودها في قصص التاريخ اليوناني، وتقديمها فهمًا أشمل للحضارة اليونانية، وأهمها معبد وحي ديديما، ومعبد وحي دودونا، ومعبد رأس سونيون البحري، ومعبد الإله بوزيدون، ومدينة نيميا الأثرية التي ارتبطت في التاريخ الأسطوري بقصص مغامرات هرقل، وفي التاريخ الحضاري بدورة الألعاب الرياضية النيمية، وفيها مبنى الإله زيوس الأوليمبي ومبنى إستاديون ومدينة إسثميا للألعاب الرياضية. ثم انتقل إلى آثار جزيرة رودس اليونانية، مثل معبد الإلهة أثينا بولياس ومعبد الإله زيوس بوليوس، ومعبد الإله أبولو البيثي، وتمثال إله الشمس الذي عُدّ من عجائب الدنيا في التاريخ القديم. ويدرس الكتاب التفصيلات المعمارية لمعبد الإله أبولو إبيكوريوس في باساي، ومعبد أثينا آفايا في جزيرة إيجينا، ومعبد الإله أسكليبيوس والأبنية الملحقة به في المنطقة المقدّسة. وأخيرًا تناول الكتاب المركز الأثري لجزيرة ديلوس اليونانية، ولا سيما المركز الأثري في جبل سينتوس، والطريق المقدّس المشهور بمنحوتات الأسود، إضافةً إلى معابد هيرا وأرتميس وديونيسوس، وفي الختام مسرح ديلوس.
قيمة الكتاب
قدّم الكتاب دراسةً لأبنية المراكز اليونانية الأثرية، وخلص إلى نتائج تهمّ الباحث الأثري والمعماري والباحثين في الحضارة اليونانية، تمثلت في نبذه نافعة عن تأسيس علم الآثار اليونانية وتطوره عبر شخصيات مفتاحية كالأنكوني وفينكلمان وشليمان وإيفانس ودوربفيلد وبلجين، وهي شخصيات وضعت الجسم الأكاديمي للآثار والعمارة اليونانية الذي انطلق منه الدارسون في ما بعد لتقديم فهمٍ علمي أشمل للآثار والعمارة اليونانية. وقدّم الكتاب كذلك لقرّائه قاعدة بالغة الأهمية مفادها عدم إمكان فهمٍ شامل للتاريخ من دون دراسة وافية للآثار، أو فهمٍ شامل للتاريخ الديني من دون دراسة وافية للمراكز المقدّسة، وكان أهمّ ما توصل إليه الكتاب من نتائج توضيحه انتقال سمات العمارة اليونانية إلى المدينة الأوروبية المعاصرة.