تناقش هذه الورقة ما تراه اضطرابًا في السياسة التركية تجاه الأزمة في سورية، إذ اتسمت بالتقلب المستمر. فهي قد تناقضت، على سبيل المثال، بين وقوف سلبي تجاه احتلال تنظيم الدولة الإسلامية لبلدة عين العرب "كوباني" الكردية، وهجومها لاحقا بس بسلاح الطيران على مواقع داعش داخل سورية، عقب التفجيرات في بلدة سروج. ثم ما لبثت تركيا أن تحولت، مرة أخرى، لقصف القواعد الخلفية لحزب العمل الكردستاني في شمال العراق. وحتى بعد أن فتحت تركيا قاعدة إنجرليك لقوات التحالف، ظهر أن تركيا لم تشارك في الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية إلا بضربات قليلة، في حين ظل نشاط طائراتها مستمرًا ضد مواقع حزب العمال الكردستاني. ترى الورقة أنّ السياسة التي تنتهجها تركيا في سورية لم تتطوّر كثيرًا، كما أضحت مشدودة أيضًا إلى الأزمة السياسية، وأعمال العنف الداخلية، التي اجتاحت البلاد منذ انتخابات 7 حزيران / يونيو 2015 . يضاف إلى ما تقدم، أن الوضع في سورية فرض عليها الانشغال بإدارة حدودها الجنوبية، ما جعلها في تماس مع الأطراف الفاعلة المتعدّدة في سورية، ذات المصالح المتضاربة. ومن الجهة الأخرى، دفعت الأزمة السورية أنقرة إلى إعادة النظر في إدارتها ساحل بحر إيجه وحدودها الشمالية، للاحتفاظ باللاجئين على أراضيها، والحفاظ، من ثم، على علاقة جيدة بالاتحاد الأوروبي.