يحاول هذا البحث الكشف عن وجه آخر من وجوه القول الهيثمي، وتأمّل الأسس المشرّعة لمساءلة شروط إمكان خطاب عملي في ثنايا هذا القول. ولذلك، فإنّنا اخترنا أن ننظر في هذا الإمكان من خلال هذه العلاقة الملغزة بين الفلسفة والعلم، وبين الأخلاق والسياسة، وبين السعادة والحكمة. وعلى هذا النحو بدا لنا أنّ كشوف ابن الهيثم وبحوثه إذ تؤكّد جدارته العلمية، فإنّها تضعه في مرتبة الفيلسوف المشرّع الذي يشرّع للقيم الإنسانية ويضع الأسس والمبادئ على المستويين المنهجي والمعرفي، فضاً عن الأسس الرامية إلى تدبّر قواعد السلوك فعلً وممارسة.