يبدو أنّ أبا سفيان استفاد من موضوع السّفارة التي بعث بها محمّد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى هرقل عظيم الرّوم ليبثّ رواية مفادها أنّه التقى هذا الإمبراطور البيزنطي، ودار بينهما حديث حول محمّد والدّين الإسلامي. خلافًا لما هو سائد، فإن الراجح لدينا أنّ أبا سفيان لم يلتق هرقل، وإنّما اختلق القصة ضمن سياق تاريخي مخصوص؛ فقد كان يفكر في مكانته في المجتمع الجديد وفي صورته لدى المسلمين أكثر مما كان يفكر في صورة الإسلام. لكنّ روايته ساهمت، بوعي منه أو من دون وعي، في تشكيل جانب من الذّهنية العربية الإسلامية المبكرة التي كانت تبحث لذاتها عن صورة لدى الآخر البيزنطي، تتّخذها مبرّرًا للقبول به من ناحية، وتحقّق لها الرضى عن النّفس من ناحية أخرى.