كان المغرب الأقصى من البلاد الإسلامية التي تعيش فيها، منذ أكثر من ألفَي سنة، أقلية يهودية مهمة تعدّ نفسها جزءًا لا ينفصم عن ساكنة هذه الديار. وتحت راية الإسلام، حافظت على عاداتها وعلى شعائرها الدينية تحت مظلة السلاطين الذين تقع على كواهلهم مسؤولية حماية أهل الذمة. غير أن هذا الوضع الذي عمّر قرونًا، بدأ يتكدر خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بفعل الضغوط الاستعمارية على المغرب، ومحاولات بعض القوى الغربية المراهنة على الأقلية اليهودية، من أجل زعزعة توازنات المجتمع التقليدي المغربي، وانتهاز فرصة لإضعاف السلطة المركزية؛ تمهيدًا للهيمنة الاستعمارية.