تبدو غاية هذا الكتاب، مثلما يوحي به العنوان، تعقّب الأصول التكوينيّة للريبة التي يبديها مثقفون ومفكرون معاصرين فرنسيين أمثال بيار منان ومارسال غوشييه وكلود ميشيا حيال حقوق الإنسان رغم تبنيهم لفكر الحداثة السياسية ودفاعهم على الديمقراطية والمشاركة السياسية وقيم المواطنة. إذ يرى هؤلاء في التزام بمقتضيات حقوق الإنسان خطرا على الديمقراطية وعلى تماسك المجموعة الوطنية لما تشيعه من نزعة فردانية تؤدي إلى تكاثر المطالب المتعلقة بالحقوق على نحو لا يعرف حدّ مما يوهن عُرى التكافل التي نسجها التاريخ الخاص لكل جماعة سياسية ويجعل الأفراد يبحثون عما يحميهم من بعضهم البعض بدل الاهتمام بما يوطّد الروابط التي تشدهم إلى بعضهم البعض.