يتخذ علم الجغرافيا وضعًا خاصًّا يجعله يجمع بين الظواهر الطبيعية والقضايا الإنسية، الأمر الذي يثير التساؤل حول المنحى الذي يسلكه الجغرافيون لتجاوز الارتباك المنهجي الذي يعيشه كباقي العلوم الاجتماعية والإنسانية المجاورة. ورثت العلوم الجغرافية عن الفكر اليوناني نوعًا من الاتساع في الموضوع والتعدّد في المنهاج، ولم تستطع تجاوز ذلك رغم تغيّرات سياقاتها النظرية المتلاحقة. صحيحٌ أنّ معالجتها للظواهر الطبيعية قد أسهمت في تحقيق نوعٍ من التماهي مع مناهج العلوم التجريبية، لكنّ معالجة القضايا البشرية لم تمكّنها من تجاوز العقبات المنهجية التي تعيشها باقي العلوم الاجتماعية والإنسانية.