تهدف هذه الدراسة إلى الحديث عن مظاهر التجريم السياسي التي انتهجتها الخلافتان الفاطمية والأموية ضد المعارضة. فالصراع السياسي الذي عرفته بلاد المغرب والأندلس، خلال القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، بين العُبيديين الشيعة في أفريقيا ونظرائهم الأمويين السنّة في الأندلس، واتخذ طابعًا مذهبيًا وعقديًا، أدى إلى تجريمهما لكل سلوك مناوئ، وتحويل مواقف المعارضة من بُعد مذهبي وعقدي إلى مفهوم سياسي؛ لأن الإسماعيليين والمروانيين أحسّوا بقوة العلماء الذين شكّلوا سلطة فكرية مؤطرة للمجتمع. لذلك، اصطبغت المعارضة بصبغة دينية وسياسية، أجبرت الخلافتين على النحت من المعجم الديني؛ لمحاربة رموزها، في إطار السعي إلى التجريم السياسي لسلوكهم، وفي سياق تداخلت فيه السياسة بالعقيدة والمذهب.