يضم كتاب "الفلسفة في زمن الإرهاب: حوارات مع يورغن هابرماس وجاك دريدا" (ترجمة خلدون النبواني)، حوارين شائقين أجرتهما الباحثة الأميركية ذات الأصل الإيطالي جيوفانا بورادوري مع فيلسوفين يتميّزان بحضورهما العالمي. وقد سارعت إلى التقاط آرائهما بعد هجمات 11 أيلول / سبتمبر 2001، لتُسجّل من جانب ثانٍ بعض آخر ما قاله دريدا قبل وفاته في عام 2004، في حدث تاريخي فريد يرى أنّ فهم الإرهاب يكون بتفكيك مفهوم الإرهاب لأنّه المسلك الوحيد لتبيان عناصر الإرهاب من إرهاب الدولة إلى الإرهاب المحلي والدولي.
محاورة هابرماس كانت كثيفة مطبوعة بالفلسفة الألمانية الكلاسيكية التي اكتسبها في ألمانيا، ومحاورة دريدا تأخذ القارئ في طريق طويلة ومتعرّجة تُبرز مقدرته على الجمع بين الابتكار والدقّة وبين المراوغة والحسم، ومهما افترق الفيلسوفان يعودان إلى الالتقاء ومهما التقيا يعودان إلى الافتراق؛ فدريدا اليهودي الذي عانى التمييز العنصري في عهد حكومة فيشي يبقى الأقرب إلى قضايا العرب ومعاناتهم، فيما يبدو هابرماس متلبّسًا فظاعة المحرقة اليهودية التي تُثقل ضمير الألمان، ولكنّهما معًا مشغولان بمستقبل أوروبا وبتطوير القانون الدولي، ويرفضان الانغلاق القومي ومعاداة الأجنبي. "الديمقراطية والتحرر للجميع" لازمان. ويرى الفيلسوفان أنّ على أوروبا تحقيقهما كي لا يموت التنوير.