تسلط هذه الدراسة الضوء على المنعطفات الإبستيمولوجية الأساسية في الكتابة التاريخية في الغرب، وتكمن أهميتها في أنها تكشف عن الطابع الجدلي لتطور الهيستوريوغرافيا الغربية بدءًا من لحظة انفلات التاريخ من اللاهوت، واستيعابها من الفلسفة، ثم انتزاعها من المدرسة الوضعية، وصولًا إلى المنعطف الحولياتي وما بعده. وتهدف إلى تجلية حقيقة أن التطور في كتابة التاريخ تسبقه رؤى ونظرات جديدة على مستوى البحث الإبستيمولوجي؛ إذ ساد الاعتقاد طويلًا، في الجامعات العربية، والمغربية خصوصًا، أن انتعاش البحث التاريخي ينطلق من اكتشاف الوثائق وإضاءة جوانب كانت معتمة من التاريخ الحدثي، في حين تظل هذه الرؤية حبيسة مرحلة من مراحل الكتابة التاريخية، وهي المرحلة الوضعية التي لم تسلم من انتقادات بشأن قصورها المنهجي؛ وأهم قصور هو التركيز على الحدث التاريخي في بعده السياسي وإغفال أبعاد أخرى أساسية في البحث التاريخي كالاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية، فضلًا عن الذهنيات والمهمشين.