تسعى هذه الدراسة لمساءلة دور الجهوية المتقدمة في تعزيز مركزية الدولة المغربية، وإعادة إنتاج مأزقها الإصلاحي، بين تطلّعها نحو تحديث محدود لآليات اشتغالها، والحفاظ على شكلها الموحّد وبنيتها المركزية، من خلال تبنّي تدبيرٍ عمودي للسلطة في مواجهة الجهات. يتوازى هذا الوضع مع الإخفاق في التحول نحو الديمقراطية وبناء تعاقد اجتماعي جديد، واستمرار حصر التوظيف العمومي لموارد الدولة في يد السلطة المركزية من دون إشراك حقيقي للجهات. يجري تشغيل هذه الاستراتيجية عبر مركزة المجال الترابي والتحكم في موارده، باعتماد تقسيم جهوي يُبنى على العوامل الجغرافية والاقتصادية والتنموية، ويستبعد، في المقابل، عوامل التجانس الثقافي والتاريخي والأهلي والاقتصادي داخل الجهات، في مسعى لتجنّب تشكّل هويات جهوية واضحة، تكون مدخلً للمطالبة بإعادة النظر في الشكل الموحَّد للدولة، واعتماد لامركزية أكثر موضوعية وفاعلية، تتيح توزيعًا أفقيًا للسلطة. وتتغذّى هذه الاستراتيجية أيضًا على ضبط الفضاء العمومي، في ضوء تنامي الاحتجاج الحضري الذي بات يفرز ديناميات جديدة للتعبئة الاجتماعية. وتسلّط الدراسة الضوء على تأثير جيوبوليتيك الصحراء في تبنّي هذه الجهوية، وإعادة تشكيل الدولة المغربية من خلال التحكم في مقتضيات التمثيل والتعبئة والوساطة في الصحراء.