صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب الشبكات الرقميّةوديناميّة الحقل الاجتماعي/ السياسي بالمغرب، ضمن سلسلة "أطروحات الدكتوراه" التي تتبنى نشر ما هو نوعي من الرسائل إذا توافقت مع اهتمامات المركز، سواء المقدمة منها في الجامعات العربية أو الأجنبية، في حقول العلوم الإنسانية والاجتماعية العربية، بهدف استئناف نهضة فكرية وعلمية عربية ومعالجة قضايا الوطن العربي ومجتمعاته. الكتاب من تأليف الباحثة المغربية بشرى زكّاغ، وهو يتضمن مقدمة وسبعة فصول وخلاصة، وتتمحور مادته حول الشبكات الرقمية وما يتعلق بها في المغرب، من علم اجتماع رقمي، إلى إثنوغرافيا ونتنوغرافيا المجتمعات الشبكية المغربية، وإثنوغرافيا الهوية في مجتمع هذه الشبكات، والشبكيين المغاربة وخصوصًا الشباب منهم، وبحث تأثير مدى التشابك بين الواقع والافتراضي خلال العمل على الشبكات الرقمية، وأخيرًا الظواهر الناجمة عن فضاء الشبكات الرقمية المفتوح، من صعود ديني وتشبيك اجتماعي. يقع الكتاب في 416 صفحة، شاملةً ببليوغرافيا وفهرسًا عامًّا.
تؤكد المؤلفة في مقدمة بحثها القيِّم أن لا شك في حقيقةٍ محلّ إجماع في زماننا المعاصر، وهي أنه لا وجود حقيقيًّا لمن لا وجود له مرئيًّا في فضاء الشبكات الرقمية، التي باتت تربط الأفراد والجماعات على الدوام، وفي معظم بقاع العالم، حتى تحولت هذه الشبكات "مجتمعًا" للشبكيين وحاضنة أساسًا لهم. لكنْ لا شيء في هذا الوجود من دون أعراض جانبية؛ فالتسارع في المنجَز الاتصالي الشبكي فرض انعكاسات اجتماعية وثقافية وتحديات كبرى على علم الاجتماع، ولعل أبرزها تحوُّلُ تعاملِنا مع تكنولوجيا المعلومات من مجرد تواصل وتفاعل مع الآخرين إلى تواصل مع أدوات انقلبت قوى تنشئ واقعَينا الشخصي والاجتماعي وتشكِّلُهما، وتغيّر فهمَنا ذواتِنا، وكيفيةَ تعامُل بعضنا مع بعض، وقادرة على ابتداع واقع افتراضي تُمضي أجيالُنا، الحالية والمقبلة، معظم وقتها فيها شاءت أم أبت؛ وهو ما يضع البحوث السوسيولوجية أمام مأزق بنيوي حقيقي، إذا لم تتحرك بسرعة لمعالجة هذه الحقيقة.
رسوخ دراسة المجتمعات الشبكية
وإذا كان الواقع الحقيقي هو حصيلة تفاعل بين ممارسات اجتماعية والزمان والمكان، فإن فضاء الشبكات الرقمية، المفتوح بمصراعيه على التدفقات والتشابكات، والمتنوِّع الإمكانات التكنولوجية المنظِّمة للتفاعلات فيه، هو فضاءٌ تتدفق إليه في سيولة وانسياب من كل مكان وفي كل اللحظات كلُّ الأنساق الاجتماعية؛ ويكون على علم الاجتماع تناول الحقيقة الاجتماعية الشبكيّة وكثافتها التواصلية الحيوية بالدراسة والتحقيق.
لقد تحولت الدراسات الاستقصائية حول الإنترنت والمجتمعات الشبكيّة والمجتمعات على الخط Online تاريخيًّا من نشاط ناشئ إلى ممارسة راسخة، كما يتضح بجلاء في ثلاثية مانويل كاستلز Manuel Castells حول عصر المعلومات بعنوان عصر المعلومات - الاقتصاد والمجتمع والثقافةThe Information Age EconomySociety, and Culture، وهي ثلاثية رأى أنتوني غيدنز Anthony Guiddens أنها قدّمت تحليلًا شاملًا لآثار التكنولوجيا الشبكية اجتماعيًّا، وأضفت شرعيةً على هذا النوع من البحوث ضمن حقل العلوم الاجتماعية، وخصوصًا حينما قارن الجزء الأول من الثلاثية بأحد أهم المؤلفات السوسيولوجية التأسيسية؛ وهو كتاب ماكس فيبر Max Weber الاقتصاد والمجتمعEconomy and Society.
نسبة استخدام تمهِّد لـ "جيل الشبكيين" العرب
وعلى الرغم من أن "مجتمعًا" شبكيًّا، أو حتى مجتمعًا تسود فيه سمة الشبكي الافتراضي، لا يمكن أن يوجد بالمطلق؛ إذ "ما يزال البشر يكوّنون جماعات حقيقية ويدخلون في صلات اجتماعية حقيقية من كل الأنواع، ويحاولون أن يُشبعوا حاجاتهم الاجتماعية العاطفية بقدر استطاعتهم"، كما يقول كارل بوبر Karl Popper في كتابه المجتمع المفتوح وأعداؤهThe Open Society and Its Enemies، فإن مجتمع الشبكات الرقميّة العربية أحرز نجاحًا هائلًا أشبع الحاجة الاجتماعية إلى التقارب والتفاعل وتجاوز المكان وعرْضِ الذات وترميق الهوية لدى جمهور الشبكيين. فقد ورد، في تقرير "إحصائيات عالم الإنترنت" Internet World Stats لعام 2018، أن نسبة مستخدمي الإنترنت العرب بلغت 51.29 في المئة من إجمالي عدد السكان، وهي نسبة عالية جدًّا، وبلغت نسبة مستخدمي فيسبوك 71 في المئة، وهي أعلى من نظيرتها في الاتحاد الأوروبي (46.36 و58.13 في المئة على التوالي).
ويمثل شباب اليوم، المنغمسون في حياة عالية التقنية لم تكن لدى آبائهم، الموجةَ الأولى لـجيل "مجتمع الشبكات"، الذي خَبِرَ خدماتها المفتوحةَ وتمرَّسَ في الحرية التي يتيحها فضاؤها الافتراضي، وشكّل بفضلها روابط اجتماعية، من خلال تنسيق أفكار المستخدِمين وآرائهم الفردية والجماعية، وتعميمِ إحساسٍ بمصير مشترك، وإيجادِ تقاطعات بين الرؤى والقناعات، وفتح مجالات واسعة من الحوار والمناقشة والنقد حول الاجتماعيات المختلفة.
المؤثرات في المجتمع الشبكي والإشكالية
وتنحو الباحثة مع ذلك إلى التحذير من المغالاة في الحديث عن آثار اجتماعية لفضاء الشبكات في المجتمع المغربي الذي لم يشارك في الحداثة وصناعة الزمن الحديث؛ فعدد مستخدمي الشبكات في المغرب وإن كان في تزايد، فإنه ليس مطّردًا، ويتأثر بعدم المساواة الجنسية والمادية والجغرافية، في حين يجري استبعاد أعداد من المواطنين لافتقادهم المهارات والتعليم. وتقترح، انطلاقًا مما سلف، الاشتغال بتحليل يأخذ المعطيات والمستجدات في الحسبان، ويهدف إلى فهم دينامية مجتمع الشبكات المغربي واختلافه، وتعدد تجسيداته، وإدماجه أو استبعاده، وامتداده أو تقلصه؛ ما يطرح الإشكالية التالية: كيف تتفاعل الشبكات الرقميّة التي يهيمن عليها الشباب مع ديناميّة التغير الاجتماعي/ السياسي في المغرب؟
وقد دُقِّقت الإشكالية، بناء على ملاحظات ميدانية عبر الفضاءات الحضرية والفضاءات الشبكية منذ عام 2011، وبخاصة بين عامّي 2016 و2019، وتعلّق محتوى الملاحظات بإشكالية الحدود بين الافتراضي والواقعي، وزيادة التداخل والتفاعل بين فضاءي المغرب والعالم؛ ما جعل الباحثة تركز على بحث واستقصاء فضاء الاستقلاليّة الشبكي "الهجين"، أي بين الموقعي والافتراضي، الذي سمح للشبكيين بمقاسمة أفكارهم وإحباطاتهم للتغلب على الخوف وانتزاع مساحات من الحرية والاستقلالية وممارستها.
أسئلة الإشكالية
وأدت الإشكالية إلى طرح الأسئلة التالية: ما أشكال التقصي السوسيولوجي لتحقيق مجتمع الشبكات ودراسته؟ وكيف نشأ هذا الميدان البحثي وتعددت مداخله ومفهوماته؟ وهل يُمكِّننا التقصي الإثنوغرافي الشبكي المتعدد المواقع من التقاط صورة عامة عن مجتمع الشبكات الرقميّة المغربي وإشكالية فضائه العمومي وتجربة الزمن الميدياتيكي وسيبرنيطيقا التواصل؟ وكيف تتشكّل الهوية في سياق مجتمع الشبكات الرقمية؟ أهي طبيعية مستقرة، أم دينامية ومفتوحة على تعدد الاختيارات، أم فردية مخصوصة، أم جمعية وقبائلية؟ وما الفاعلية الاجتماعية التي يقودها جيل الشبكيين منذ عام 2011؟ وهل لها علاقة بأشكال الحضور في الفضاء الشبكي؟ ثمّ أتكون هذه الأشكال قد مسّت الفعل الاجتماعي فقط، أم تعدته إلى دفع البنية والأطر التقليدية لإعادة تنظيم وجودها؟ وكيف انتقل جيل الشبكيين من تقاسم نزعاتهم الاجتماعية إلى تقاسم غضبهم وأملهم ونضالاتهم، مؤثّرين في الرأي العام ومتدخّلين في توجيهه؟ ولماذا يعتقد جيل الشبكيين أنه "قادر" على التأثير في الحياة السياسية؟ وفي ما وراء دينامية الاجتماعي/ السياسي، كيف يحضر جيل الشبكيين دينيًّا وتضامنيًّا في قلب الفضاء الشبكي؟ أيسمح هذا الفضاء للجميع بالحضور فيه، أم أنه منطو على أشكال من الاستبعاد والتفاوت الاجتماعي؟
أهمية الدراسة وأهدافها
في رأي مؤلفة الشبكات الرقميّةوديناميّة الحقل الاجتماعي/ السياسي بالمغرب، تستمدّ دراسة العلاقة بين دينامية الحقل الاجتماعي/ السياسي بالمغرب وجيل الشبكيين أهميتها من جِدّتها وتناولها تخصصًا بحثيًّا ناشئًا بالمغرب وغير مطروح محليًّا وإقليميًّا، وهو علم الاجتماع الرقمي، وتنبع من راهنيتها فهي تتناول كل ما يروّج في الواقعَين الاجتماعي والسياسي المغربيين من دينامية وتوتر، وكذلك من مرونتها بالسعي لاستقصاء واقع اجتماعي متشابك وهجين بين الفيزيائي والافتراضي؛ ومن منهجيتها بسعيها لدمج تقنيات الدراسة وأدواتها الاستقصائية بالواقع الفيزيائي والدراسة الاستقصائية في الفضاء الشبكي الرقمي.
أما الأهداف، فتلخصها الباحثة في ابتداع مفاهيم لوصف مجتمع الشبكات (الفرد الشبكي، القبَلية الشبكية، الجيل الشبكي، الهوية الشبكية، الفضاء العمومي الشبكي)، واستكشاف محتوى التقصي السوسيولوجي والإثنوغرافي لظاهرة اجتماعية شبكية، واقتراح فرضيات لطبيعة التفاعلات الشبكيّة لتحديد مسارات جديدة للتغيّر الاجتماعي، وتوسيع البحث والاستقصاء المفسِّرَين لديناميّة الفضاءات الهجينة وما ينتج منها، عبر اقتراح نماذج واستعارات تفسيرية من تخصصات بحثية أخرى، كاللسانيات وفيزياء المادة وعلم الاجتماع، ودراسة الحقل الشبابي بالمغرب وتحليل ديناميته وتوتراته ومتغيّره التكنولوجي/ الرقمي، وإثبات أن الديناميّة الاجتماعية/ السياسية في المغرب منذ عام 2011 تعود إلى زيادة حضور جيل الشبكيين في العوالم الافتراضيّة والشبكيّة.
وبالنسبة إلى الأهداف العملية، فإنها تنحصر في نقاش الآثار العمليّة (السياسيّة خصوصًا) المترتبة على زيادة التشابك بين الموقعي والافتراضي، وتكثيف البحث في مستقبل تدفقات الفعل الشبابي وفي بدائل تصريف ردّاته وانفعالاته، وفهم رد فعل الشبكيين تجاه قضايا الشأن العام وخطابات المؤسسات وقرارات السياسيين من خلال الملاحظة الميدانية (الفضاء الشبكي) التي استمرت منذ 2016، في ظل فرضيات اتّسام الحقل الشبابي بالمغرب بإقبال جماعي كثيف على الشبكات الرقميّة والنشاط السياسي السيبراني، وأن فقر التشبيك عبر العقد الاتصالية يمكن أن يدفع الاحتجاج والنضال الشبكي نحو الشوارع والميادين الموقعية، وأن الحضورَين الديني والاجتماعي للشبكيين الشباب محاولة لإيجاد أطر وفضاءات أكثر قدرة على استيعاب نشاطيتهم وفاعليتهم، وأن النفاذ إلى فضاء الشبكات لدى النساء أقل مما هو لدى الرجال، وأن الفضاء الـ "بين-بين" (الواقعي والافتراضي معًا) ما زال واقعًا في المنطقة الرمادية ولم يتشكّل نهائيًّا بعد.
وهذه الدراسة، وإن دخلت في نطاق "التحقيقات الاجتماعية"، فإنها جمعت بين الدراسات الشبكيّة الرقميّة والبحث الاجتماعي معًا. فموضوعيًّا، تتعلق بدراسة مجتمع الشبكات الرقمية بالمغرب وتحقيقه. أما منهجيًّا، ولما كانت التقنيات في حدّ ذاتها هشّة وتمتلك إلى حدّ ما مرونة تفسيرية، فهي قد اعتمدت على مكونين: كمّي وكيفي، والأخير يرتكز على تأويل الشبكيّين وجودَهم وأشكالَ تفاعلهم بالاعتماد على الملاحظة بالمشاركة، ومحاورة الفاعلين وإجراء مقابلات موقعية معهم وأخرى افتراضية وشبكية هجينة (متواصلة أحيانًا في الموقعي ومتقطعة أحيانًا في الافتراضي).
وقد جرى الوصول إلى المستجيبين من طريق الشبكات الاجتماعية الرقمية أحيانًا والموقعية أحيانًا أخرى في مناطق الحراك، ومنهم الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد المشاركون في حملات المقاطعة (لقاؤهم كان مهمًّا للدراسة). أما المستجيبون الافتراضيون، فاختيروا عقلانيًّا، تبعًا لنشاطهم الشبكي أو تخصصهم العلمي أو علاقتهم المباشرة بأحد محاور الدراسة، واكتُفي بالمقابلة الافتراضية بسبب وجودهم خارج المغرب واستحالة لقائهم موقعيًّا.
تناول الفصل الأول من الكتاب الدراساتِ السابقةَ حول الموضوع، ثم مفاهيمَ الدراسة ومصطلحاتِها من منظور إجرائي أساسًا، بمعنى المفاهيم كما جرى إدراجها واستعمالها في الدراسة فقط.
أما الفصل الثاني، فيقارب الأسلوب الإثنوغرافي في معالجة مجتمع الشبكات الرقمية بالمغرب من حيث البيئة والجاهزية الشبكية، وكذا الآثار الاجتماعية المترتبة عليها، والفضاء العمومي الشبكي والزمن الميدياتيكي.
ويستعرض الفصل الثالث من منظور "نتنوغرافي" الجاهزيةَ الشبكية والدينامية الاجتماعية بالمغرب، وحجمَ حضور المغاربة عبر الشبكة، وإشكالية الفضاء العمومي بالمغرب، وتجربة الزمن الميدياتيكي وتأثيرها في الممارسات الاجتماعية، وخصائص الزمن وسيبرنيطيقا التواصل في مجتمع الشبكات المغربية.
ويعالج الفصل الرابع إشكالية الهوية سلطةً اجتماعية، وخصوصًا مع صعود الهويات المقاومة وما بعد الحداثية والجماعية، ويتطرق الفصل أيضًا إلى بناء الهوية في مجتمع الشبكات الرقمية، وإنشاء الجماعات الشبكية، وطبيعة الثقافة الشبكية.
وقد أفرد الفصل الخامس للحديث عن الدينامية الطارئة التي ساهم جيل الشبكيين في دفعها نحو التمظهر والحضور في الحياة اليومية للمغاربة، وحضور الشباب في الفضاء الشبكي، وخصوصًا أشكال فعلهم الجمعي، وصعود حركاتهم الشبكية الاجتماعية، كحركة 20 فبراير، وحراك الريف، وحراك الهوامش. ويركز الفصل أيضًا على صنع الرأي العام الشبكي، وحضور التنظيمات السياسية على الشبكة (حزب العدالة والتنمية أنموذجًا)، ويتناول بالبحث البودكاست السياسي عبر الشبكة ونماذج منه.
ويناقش الفصل السادس قضايا المواطنة الشبكية والرأي العام الشبكي وتشابك الموقعي بالافتراضي، وكذا أشكال الحراك والنضال التي عرفها المغرب، والتي انطلقت أساسًا أو اعتمدت بالأخص على التعبئة والحشد من طريق الشبكات الرقمية.
ومن ناحية أخرى، يحاول الفصل السابع والأخير، النظر في ما وراء الدينامية الاجتماعية والسياسية، وتغيير زاوية النظر نحو دينامية الشأن الديني والتضامني من جهة، وكذا أشكال التفاوت والاستبعاد التي لحقت بعض الفئات - النساء على نحو مخصوص في الدراسة - في ما يخص الحضور والمشاركة في دينامية فضاء الشبكات الرقمية.
هذه الدراسة ضرورية في مكتبات المغاربة أولًا والمهتمين من الباحثين العرب ثانيًا، فهي مذلَّلةٌ من صعوباتِ كونِ موضوعها يُطرَق أول مرة من زاوية نظر معرفية مستجدّة في العلوم الاجتماعية من جهة، وموضوعًا تركيبيًّا ينهل من علوم ومباحث علمية ومقاربات منهجية متعددة من جهة أخرى؛ وهي غنية بالنظري والعملي والمفهومي، وأحداثها ومعطياتها طيارة ومتبدّلة بسرعة واستمرار.