تقيم ثورات الربيع العربي حقائق فكرية وسياسية تضطر القوى والتيارات الفكرية العاملة
في الساحة العربية، ومنها التيار الإسلامي، إلى إعادة تأسيس ذاتها وإعادة صوغ مفاهيمها
وتصوّراتها. ولعلّ «الديمقراطية » أن تكون أبرز محلّ لهذه المراجعة، ففيها تتكثّف غايات الحراك
الثوري على هيئة مطالب سياسية وحقوقية ملموسة تدعو إلى ترجمة القيم الديمقراطية التي
أنتجتها الثورة إلى إجراءات سياسية ملموسة.
يشكّل هذا بالنسبة إلى الإسلاميين فرصة للانتقال من مفهوم الديمقراطية الأداتي والشكلي )الذي
تجسّده أدوات الانتخاب والتعدّدية السياسية والتداول السلمي للسلطة( إلى جوهر الديمقراطية
الفلسفي )الذي تجسّده مفاهيم الحرية والقانون الوضعي والمساواة على أساس المواطنة(. وهذه
الفرصة هي ما يرصد الباحث استعداد الإسلاميين لاغتنامها، على مستوى الاجتهاد والتجديد،
من خلال مثال محدّد هو حزب العدالة والتنمية المغربي.