تمت عملية الإضافة الى سلة التسوق بنجاح لديك الآن  مادة/مواد في سلة التسوق الخاصة بك
  • شارك:
قتلُ الديمقراطية: جنوح الهند نحو الاستبداد
  • السعر :
    14.00 $
  • بعد الخصم :
    11.20 $
  • الكميّة:
  •  

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ضمن سلسلة ترجمان، كتاب قتلُ الديمقراطية: جنوح الهند نحو الاستبداد To Kill a Democracy: India’s Passage to Despotism، وهو من تأليف ديباسيش روي شودري وجون كين، وترجمة هيثم فرحت. ويقع في 368 صفحة، شاملًا مقدمة وخاتمة ومراجع وفهرسًا عامًّا، وقائمة أشكال وصور.

يتناول الكتاب التحوُّلات العميقة التي تهدِّد الديمقراطية الهندية، مشيرًا إلى أنها لا تنهار فجأة، بل تموت ببطء من داخلها، تحت وطأة القبول الهادئ بالتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، واستسلام المؤسسات للإفساد والتعطيل. ويستند إلى تحليل شامل، يُظهر كيف تحوّلت الهند، من مختبر عالمي للديمقراطية بعد الاستقلال في عام 1947 إلى دولة على أعتاب الاستبداد؛ حيث تُستغل أدوات الديمقراطية نفسها لنسِفها من الداخل.

من الديمقراطية إلى الاستبداد: رحلة التحولات الهندية

يبيّن كتاب قتلُ الديمقراطية أن الهند مثّلت، منذ لحظة الاستقلال، معجزة ديمقراطية قادها جواهر لال نهرو وأقرانه برؤية تقوم على تجاوز النموذج الغربي، فبنوا ديمقراطية تستمدّ مشروعيتها من الداخل، وتسعى لتحرير الهند من الإرث الاستعماري ونظام الطبقات. وقد خالفت الهند مسار أغلبية دول الجنوب العالمي، فبقيت مدنيّتها وسياساتها الانتخابية راسختَين، حتى وسط الفقر والأمية والتنوع المذهل في اللغات والأديان.

وقد أُطلق على أول انتخابات عامّة، في عام 1951–1952، وصفُ "أعظم استعراض على وجه الأرض"؛ حيث شملت 176 مليون ناخب، معظمهم أميّون. وسرعان ما ترسّخت ثقافة انتخابية، تُشرِك الفئات المهمّشة في السياسة. وأدى ذلك لاحقًا إلى توسع الحكم الذاتي المحلي (البانشايت) الذي أعاد توزيع السلطة، وفتح المجال أمام النساء والداليت والأديفاسي ليصيروا فاعلين في الشأن العام.

ابتكرت الهند نموذجًا علمانيًّا خاصًّا بها، لا يفصل الدين عن الدولة، بل يدير التعدّدية الدينية ضمن إطار قانوني؛ ما عزز المشاركة والتمثيل. وعلى الرغم من تعدُّد اللاعبين السياسيين وتشرذم المشهد العام، فقد ساهم صعود الأحزاب الإقليمية، القائمة على الكاست أو الهوية، في توسيع قاعدة الديمقراطية.

ولعل من أبرز مفارقات هذه التجربة أن الفقراء كانوا أكثر إقبالًا على الاقتراع من الأغنياء؛ إذ بلغت نسبة المشاركة في عام 2019 نحو 67 في المئة؛ وهذا يدلّ على أن الديمقراطية غدت مكوّنًا ماديًّا في الحياة اليومية للملايين.

إلى جانب الداخل، حظيت الديمقراطية الهندية برعاية غربية، خصوصًا من الولايات المتحدة الأميركية، التي نظرت إلى الهند بوصفها شريكًا استراتيجيًّا ضد تمدُّد الصين. وعلى الرغم من فتور العلاقات في عهد نهرو، فإنها عادت لتزدهر بعد الحرب الباردة، مع توقيع اتفاقات تعاون دفاعي واستخباراتي، وانضمام الهند إلى الحوار الأمني الرباعي (الكواد).

إضافة إلى ذلك، يبرز الكتاب أن الديمقراطية الهندية مرّت بفترة اختبار خطيرة في عهد أنديرا غاندي، حينما أعلنت حالة الطوارئ في عام 1975، وقيّدت الحريات واعتقلت المعارضين. وعلى الرغم من أنها أُسقطت انتخابيًّا في عام 1977، فقد كانت تلك الفترة درسًا مفصليًّا كشف هشاشة النظام وإمكان انزلاقه نحو التسلط.

خطر "إعادة صناعة الشعب" وآثاره في مستقبل الهند

يميّز كتاب قتل الديمقراطية الانهيار المفاجئ للديمقراطية، كالانقلابات، من الانهيار البطيء، حيث تتأكّل الديمقراطية من الداخل، بفعل سوء الإدارة، واستغلال القوانين، وتعطيل المؤسّسات، وقمع الحريات تحت غطاء قانوني وآخر شعبي. أمّا هذه العملية، فتبلغ ذروتها حين يصل حزب شعبوي إلى الحكم، يزعم امتلاك "التفويض الشعبي"، ويشرع في تفكيك المؤسّسات، وإخضاع القضاء، وتحييد البرلمان. والأخطر، وفق ما يرى الكتاب، هو مشروع "إعادة صناعة الشعب"، حيث يُعاد تعريف "الشعب الحقيقي" والخارج عليه، فيصبح الولاء للزعيم معيار المواطنة.

وبهذا، لا تُلغَى الديمقراطية بل تُختطَف، وتُفرّغ من مضمونها، ويُعاد توظيفها بوصفها أداة للسيطرة والإقصاء باسم "إرادة الشعب"، إنها ديمقراطية مشوّهة، تُمارَس من دون جوهر، وتُستخدم لتبرير التسلُّط بدلًا من محاسبته.

يشير الكتاب إلى أن الهند اليوم، في فترة حكم ناريندرا مودي، تبدو مرشّحة لتكرار هذا النموذج. فالحزب الحاكم، بهاراتيا جاناتا، يتّكئ على قاعدة جماهيرية منظمة، ويستخدم خطابًا قوميًّا هندوسيًّا يستبعد الأقليات ويضرب التعددية. وقد تحوّلت المؤسسات، بدءًا من القضاء وصولًا إلى الإعلام، إلى أدوات في يد السلطة، تُستخدَم لمعاقبة الخصوم ومكافأة الموالين، بينما تُفرِّغ الدستور من روحه.

ويشير المؤلفان إلى أن خطر الاستبداد في الهند لا ينبع من نزوات فردية، بل من أعطاب بنيوية في النظام السياسي والنظام الاجتماعي، تفاقمت عبر عقود، وهذا ما يجعل المعركة من أجل الديمقراطية ليست دفاعًا عن مؤسّسات فحسب، بل أيضًا معركة من أجل استعادة الشعب نفسه، وصون التنوع الذي لطالما كان سرّ التجربة الهندية.

وفي الختام، يعدّ هذا الكتاب من الكتب المهمة في تحليل تحولات الديمقراطيات في العالم الثالث، خصوصًا في دول ذات تاريخ طويل ومعقَّد، ويفتح المجال لفهم تأكّل الديمقراطية في سياقات غير غربية، ويقدم دراسة مهمة حول الهند، التي كانت مثالًا للنجاح الديمقراطي، وكذلك يقدم رؤية تحليلية معمقة حول كيفية انزلاق دولة كانت تعتبر نموذجًا ديمقراطيًّا إلى استبداد مموَّه. ويسلّط الضوء على دور الأحزاب الشعبوية في تفكيك المؤسسات؛ ما يعزز الوعي لدى القرّاء العرب بما قد يحدث في بلدانهم، إذا أُغفِلَت هذه المخاطر.

* موقع الكتب الإلكترونية يرحب بتعليقات و مناقشات المشاركين الحية و المهذبة في نفس الوقت ، لذلك نحن لا نتيح شاشة التعليقات ظاهرة و مفتوحة بشكل افتراضي، الى أن يقوم المستخدم بتسجيل الدخول.
البيانات غير متوفرة للمراجعات
الكتب