تمت عملية الإضافة الى سلة التسوق بنجاح لديك الآن  مادة/مواد في سلة التسوق الخاصة بك
  • شارك:
حيان التوحيدي: محنة مثقف عضوي في الثقافة العربية القديمة، دراسة في السياق والخطاب
  • المؤلفون:
  • محمد همام
  • رقم الطبعة : الطبعة الأولى
  • سنة النشر : 2025
  • عدد الصفحات : 336
  • الحجم : 22.5*15.5
  • 9786144456798 ISBN:
  • السعر :
    10.00 $
  • بعد الخصم :
    8.00 $
  • الكميّة:
  •  

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب أبو حيان التوحيدي: محنة مثقف عضوي في الثقافة العربية القديمة، دراسة في السياق والخطاب، للمؤلّف محمد همّام، ويقع في 336 صفحة، شاملًا ملخّصًا تنفيذيًا ومقدمة وفصلَين وخاتمة ومراجع وفهرسًا عامًا.

يسعى الكتاب لبناء قراءة تفسيرية معمّقة في سيرة المثقف العربي القديم من خلال نموذج أبي حيان التوحيدي، مستعرضًا تفاعله مع محيطه الاجتماعي وتكوينه المعرفي وإنتاجه الثقافي. ولا يقتصر على سرد سيرته، بل يتجاوز ذلك إلى طرح تساؤلات جوهرية عن موقع المثقّف ووظيفته في بنية المجتمع العربي القديم مقارنةً بمثقّف العصر الحديث. ويناقش علاقة التوحيدي بالسلطة والنخبة العلمية، وحدود تفاعله مع الثقافة السائدة، إضافة إلى مقاربته الثقافة الوافدة، ولا سيما اليونانية. ومن خلال هذا التفاعل المركّب، تُقدَّم صورة المثقف بوصفه فاعلًا اجتماعيًا وسياسيًا، لا كائنًا منعزلًا.

التوحيدي بين الأديب والناقد

يفكك الكتاب صورة أبي حيان، متسائلًا: أهو مجرّد أديب ممتع أم ناقد نافذ البصيرة؟ أكان ناقلًا أم صانعًا للمشهد الثقافي؟ أكان صاحب مشروع فكري ونقدي وموقف جريء من مجتمعه؟ هذه الأسئلة تجعل من سيرته مرآة لحياة المثقّف العضوي في الثقافة العربية الكلاسيكية، وتضعه في مركز سؤال الهوية الثقافية والموقف من السلطة والمجتمع. إنه مثقّف القرن الرابع الهجري، وليس كاتبًا يعتكف في برجه، بل هو فاعل في النسيج اليومي، يحمل بلاغته سلاحًا، وصوته مصدر قلق للسلطة.

صوت الرفض وسلطة الكلمة

يُبرز الكتاب التوحيدي بوصفه مثقّفًا حرًّا عضويًا قاوم الإغراءات السلطوية، ورفض أن يكون أداة تزيين لحكم أو واجهة خطابية لرجال الدين. فقد كان مشروعه فعلًا نقديًا يفضح الزيف وينطق باسم المهمّشين، لذلك ذاق مرارات العداء والنكران. وهو في ذلك سبق كثيرين في الاضطلاع بدور المثقّف المنخرط في الشأن العام، على نحوٍ يشبه لاحقًا إميل زولا في مقالته الشهيرة "إني أتّهم"، ومفاهيم مثل "المثقّف العضوي" و"المثقّف الملتزم" عند ميشيل فوكو وإدوارد سعيد ... إلخ. كان التوحيدي سابقًا زمانه، لا يفصل بين المعرفة والضمير، ولا يساوم على الكلمة.

المثقّف والدين والعقل

يرى الكتاب أن التوحيدي، على خلاف نظيره الغربي، لم يكن في خصومة مع الدين، بل استثمره أداةً في مشروعه النقدي والتحريضي، موظّفًا سلطته الرمزية المتأتية من اللغة والمعرفة في وجه ما سمّاه محمد أركون "الجهل المؤسس". كما أنه واجه إغواءات السلطة بأسلوبه الخاص؛ تارة بالإعراض وتارة أخرى بالكتابة، حتى غدت كتاباته أحداثًا في حدّ ذاتها، من فرط عمقها وبلاغتها. وظلّ مثقّفًا ساخطًا، يقاوم التواطؤ، ويقف في وجه مثقّفي "القطيع"، الذين فقدوا صدقيتهم بعد أن صاروا أبواقًا لا صدى فيها. وكان سلاحه الكلمة، لكنه لم يجعلها مجرد وسيلة لتجميل الواقع، بل أداة لزعزعته واقتراح بدائل معرفية وجمالية.

المنهج والخطة وإعادة الاعتبار

قدّمت غالبية الدراسات السابقة صورة مشوّشة للتوحيدي، إما باتهامه بالزندقة، أو بتهميش عطائه، أو بالاعتماد على أقوال خصومه لا على نصوصه؛ لذلك يسعى الكتاب لإعادة قراءة التوحيدي بوصفه إنسانًا ومثقّفًا وناقدًا، من خلال تفكيك سيرته النفسية والعلمية، وجمع شتات تراثه، ومقارنة خطابه النقدي بما سبقه أو تلاه، للكشف عن فرادته الفكرية. ويتأسّس الكتاب على دافعين؛ الأول منهجي يتمثل في غياب التكامل في الدراسات السابقة التي تناولت شخصيته، والثاني فكري ينبع من الحاجة المعاصرة إلى الاستفادة من التراث في بناء مشروع ثقافي حديث؛ إذ يُعدّ التوحيدي نموذجًا لإدراك قضايا معاصرة كالتعصّب وصوغ الهوية.

يقسم الكتاب الدراسات التي تناولت التوحيدي إلى دراسات عامّة لم تتعمق في تحليل فكره، ككتاب إحسان عباس تاريخ النقد الأدبي عند العرب، وأخرى متخصصة، كدراسة محمد عبد الغني الشيخ التي شابها ضعف التوثيق، أو دراسة عبد الواحد حسن الشيخ التي افتقرت إلى التحليل. أما المقالات الدورية فاقتصرت على الانطباعية. من هنا، يُبرز الكتاب أهمية هذه الدراسة التي تعيد بناء صورة التوحيدي في علاقتها بفكره، وتُقدّمه نموذجًا للمثقّف العضوي في الثقافة العربية.

اعتمد الكتاب منهجًا نقديًا مقارنًا، يراجع الأحكام السائدة حول التوحيدي، ويعتمد على نصوصه لا على وسائط منحازة، ويقارنها بأفكار أبي عثمان الجاحظ وسواه. وعلى الرغم من أنه ثمة صعوبة في تتبّع مؤلَّفاته، لا سيما في ظلّ فقدان عدد منها، فإن الكتاب حاول حصر ما هو مطبوع منها.

يتوزّع الكتاب على فصلين؛ يتناول الفصل الأول سيرة التوحيدي وحضوره وغيابه عن الذاكرة الثقافية، ويتتبّع تاريخه من ثلاث زوايا: الانفتاح والمشاركة، والنقد والمواجهة، ثم الانكفاء والعزلة، مع التوقف عند مسألتَي عروبته وعقيدته. أما الفصل الثاني فيعرض مراحل تشكّله الثقافي وجدلية الأنا والآخر، مقترحًا ثلاث مراحل، هي: التأسيس، والنضج، ثم التميز، مع تحليل جذور ثقافته العربية وتأثره بأساتذته الجاحظ وأبي الحسن الرماني وأبي سعيد السيرافي، إضافة إلى موقع الفلسفة والمنقول اليوناني وموقفه من الفكر الصوفي.

يركز الكتاب على تعقيد شخصية التوحيدي، وسعيه الدائم للحوار والنقد، ويرى أن الاتهامات التي لاحقته لم تكن منصفة، بل ساهمت في تهميش دوره. وقد تشكّلت نفسيته في ثلاث مراحل: أولاها الانفتاح على محيطه الفكري عبر علاقات مع ابن عباد وابن العميد، على الرغم مما قيل عن سعيه للمنفعة، لكنّ فيها أبعادًا فكرية وأخلاقية. وثانيتها مرحلة النقد، حيث ظهر ناقدًا ساخرًا غاضبًا من واقعه، يكتب من علو أخلاقي، ساخطًا على العامة والوزراء والمثقفين وحتى شيوخه. ثم ثالثتها وهي مرحلة الانكفاء، حيث انعزل في بغداد، منصرفًا إلى كتابةٍ صوفيّة ذات بعد تربوي، كما في كتابه الإشارات الإلهية، التي لم تكن انتحابًا، بل تعبيرًا عن "غربة وجودية مؤمنة". ويرفض المؤلف بشدة القول بانتحاره، ويؤكّد أن نصوصه تدلّ على عمق إيمانه واتّزانه.

وفيما يخصّ عروبته، فيشير المؤلف إلى أنها كانت ثقافية وجدانية أكثر منها جغرافية، تجلّت في كتبه الكبرى كـ الإمتاع والمؤانسة والهوامل والشوامل ... إلخ. أما عقيدته، فقد حللها من خلال نصوصه، مستبعدًا روايات خصومه، ليخلص إلى أن التوحيدي كان مؤمنًا موزونًا، تحكم خطابه ثلاث لغات: الحيرة والاعتذار والإيمان، ولم يخرج يومًا عن دائرة الإسلام.

في الجانب الثقافي، قسّم الكتاب مسيرة التوحيدي إلى ثلاث مراحل: الأولى، التأسيس، وقد ظهرت في البصائر والذخائر والهوامل والشوامل، والثانية، النضج، كما في كتبه الكبرى الإمتاع والمؤانسة وأخلاق الوزيرين والصداقة والصديق والمقابسات، والثالثة، التميز، كما في الإشارات الإلهية ورسالة في بيان ثمرات العلوم ورسالة الحياة. وقد تميزت ثقافته بتوازن بين الأصول العربية والمنقول اليوناني، وكان نقده للمترجمين واضحًا، مع تفضيله العقلانية المنهجية كما عند أبي سليمان المنطقي.

وفي التصوف، يقدّم التوحيدي وجهًا صوفيًا معتدلًا، بعيدًا عن الغلوّ الباطني والغنوصي، يحمل قيمًا تربوية وإيمانية، تصلح في رأي المؤلف لتسليط الضوء على جوانب من مشكلات التعليم الحديث.

ويختم المؤلف الكتاب بالتشديد على أن سيرة التوحيدي ما زالت مفتوحة أمام الدارسين، وأن ما قُدّم ليس إلّا مدخلًا لمشروع أوسع يعيد الاعتبار لهذا المثقف الاستثنائي، الذي عاش المأساة وكتب الوهج، وجمع بين الغربة والإبداع، ليكون شاهدًا على ما يمكن أن يكون عليه المثقّف حين لا يساوم.

* موقع الكتب الإلكترونية يرحب بتعليقات و مناقشات المشاركين الحية و المهذبة في نفس الوقت ، لذلك نحن لا نتيح شاشة التعليقات ظاهرة و مفتوحة بشكل افتراضي، الى أن يقوم المستخدم بتسجيل الدخول.
البيانات غير متوفرة للمراجعات
الكتب
كتب متعلقة