تمت عملية الإضافة الى سلة التسوق بنجاح لديك الآن  مادة/مواد في سلة التسوق الخاصة بك
  • شارك:
الجبن والديدان: عالَمُ طحّانٍ من القرن السادس عشر
  • المؤلفون:
  • كارلو غينسبورغ
  • رقم الطبعة : الأولى
  • سنة النشر : 2025
  • عدد الصفحات : 279
  • الحجم : 22.5*15.5
  • 9786144457115 ISBN:
  • السعر :
    12.00 $
  • بعد الخصم :
    9.60 $
  • الكميّة:
  •  

​يُعدّ كتاب الجبن والديدان: عالَمُ طحّانٍ من القرن السادس عشر Il formaggio e i vermi. Il cosmo di un mugnaio del ’500، الذي نُشر أوّل مرة عام 1976، عملًا تأسيسيًّا في مجال التاريخ الجزئي Microhistory، وهو منهج يعتمد على دراسة وحدات صغيرة ومحددة، مثل الأفراد أو المجتمعات أو الأحداث، من أجل الكشف عن ديناميات ثقافية واجتماعية أوسع.

طحّان بسيط بأفكار غير مألوفة

يُعيد كارلو غينسبورغ في هذا الكتاب بناء حياة دومينيكو سكانديلّا، المعروف باسم مينوكيو، وهو طحّان عاش خلال القرن السادس عشر، خضع لمحاكمتَي تفتيش بتهمة الهرطقة. واستنادًا إلى سجلات محاكم التفتيش، يكشف المؤلّف عالَمًا فكريًّا لرجل ريفي بسيط في الظاهر، لكنه يطرح أفكارًا غير مألوفة تُزعزع افتراضات كثيرة، وهي متعلقة بالقراءة والثقافة الشعبية وانتشار الأفكار في أوروبا خلال بدايات العصر الحديث. ويرتكز الكتاب على تصوّر كوني غريب لمينوكيو؛ إذ ادّعى أن العالم نشأ من فوضى أولية تخثرت مثل الجبن، فنشأت منها الديدان. هذا التشبيه غير الاعتيادي، عند المؤلّف، يشكّل مدخلًا إلى فهم كيفية تلقِّي الفلاحين التعاليم الدينية والكتب والتقاليد الشفوية والخرافات المحلية، وكيف أنهم أعادوا تشكيلها بطرائق مبتكرة وغير متوقعة. وقد استقى مينوكيو بعض أفكاره من مصادر متعددة؛ منها كُتبٌ تَمكَّن من قراءتها، ومنشورات دينية شعبية، وتقاليد شفوية.

الدين، والثقافة الشعبية، والحرية الفردية، والسلطة

تتمثّل إحدى الأفكار المحورية في الكتاب في وجود ثقافة شعبية كانت في حالة تفاعل مستمر مع الثقافة "العالِمة"، وهي ليست معزولة أو جامدة كما كان يُظَن. وبذلك، يتحدى المؤلّف الفرضيات التاريخية القديمة التي ترى أنّ الفلاحين ليسوا إلّا متلقِّين سلبيِّين للتعاليم، ويُبرز - بدلًا من ذلك - أنّ أشخاصًا من أمثال مينوكيو يحللون ما يقرؤون أو يسمعون، وينقدونه ويعيدون إنتاجه. إن إصرار مينوكيو على تفسير عقلاني، وأحيانًا ميكانيكي، ونَقْده الفساد الكنسي والممارسات الطقسية والتراتبية الكنسية، يكشفان عن حياة فكرية معقدة حتى في البيئات الريفية.

وتُشكّل السلطة والقمع موضوعًا مركزيًّا آخر. فاستجوابات محاكم التفتيش لمينوكيو تكشف عن آليات المؤسسات في قمع الأصوات المختلفة. ويبرز دفاعه المتكرر عن معتقداته في أثناء محاكمتَيه، صراعًا بين حرية الفرد وهيمنة العقيدة السائدة في أوروبا خلال فترة ما بعد الإصلاح المضاد. ويظلّ إعدامه تذكيرًا واضحًا بحدود حرية التفكير آنذاك، وبقدرة التقاليد الشعبية، أيضًا، على الصمود رغم الضغوط المؤسسية.

تكمن أهمية هذا الكتاب في منهجيته الابتكارية. فمن خلال إعادة بناء عالمٍ ثقافي كامل؛ انطلاقًا من مواد أرشيفية محدودة، يُظهر غينسبورغ أنّ التاريخ الجزئي يمكنه أن يقدّم رؤى تعجز السرديات الواسعة عن إظهارها. إن قراءته الدقيقة لسجلات المحاكم لا تتحدّد في كونها مصادر معلومات، بل هي تمثلات ثقافية - مع التشديد على كيفية تسجيلها واستخلاص معلوماتها - ألهمت أجيالًا من المؤرخين لاعتماد مقاربة مشابهة. ويُبرز الكتاب أنّ القصص الصغيرة يمكنها أن تلقي ضوءًا على الأسئلة الكبيرة: طبيعة المعتقد، وتبادل الثقافة، والقراءة والكتابة، والسلطة، والحدود الفاصلة بين الفكر النخبوي والشعبي.

لا يزال كتاب الجبن والديدان عملًا محوريًّا في التاريخ الثقافي؛ لأنه يكشف أنّ أكثر الناس تواضعًا شاركوا في تيارات الفكر في عصورهم، وأنّهم تركوا أثرًا يساعد على إعادة فهم الماضي حتى في وقتنا الراهن.

* موقع الكتب الإلكترونية يرحب بتعليقات و مناقشات المشاركين الحية و المهذبة في نفس الوقت ، لذلك نحن لا نتيح شاشة التعليقات ظاهرة و مفتوحة بشكل افتراضي، الى أن يقوم المستخدم بتسجيل الدخول.
البيانات غير متوفرة للمراجعات