تجد هذه الورقة أنَّ العدالة هي المطلب الذي يوحّد حركات الانتفاض العربي الراهنة وتتركّز فيه جميع مطالبها الأخرى. كما تجد أنَّ العدالة ذاتها هي الخيط الناظم الذي يجمع رجال الفكر والسياسة في العالم العربي-الإسلامي المعاصر، إذ رأوا، في كتب رحلاتهم إلى الغرب كما في كتاباتهم التنويرية في القرن التاسع عشر، أنها السبب الذي يفسّر تقدّم الغرب وتأخر العرب، بحضورها وغيابها على التوالي. تقارن الورقة بين حركات الانتفاض العربي والثورات التي أطاحت الأنظمة الشيوعية والعسكرية في غير بلد. وتلتقط وجوهًا من الاختلاف بارزةً تَسِمُ الانتفاض العربي بالعفوية النظرية، وغياب القيادة، واختصار الفعل في شعارات قليلة. وهي تقدّم جردة لعثرات دولة الاستقلال وإخفاقاتها، وتكشف عن أنها دولة استبداد في حقيقة الأمر، وأنها احتفظت بأسوأ ما في إرثين اثنين: إرث الدولة الاستعمارية (حداثة ظاهرية) وإرث الدولة ما قبل الاستعمار (أنماط فكرية وعلاقات تقليدية). وتختم بتساؤل حول قدرة حركات الانتفاض العربية على أن تكون علامة فارقة على انتقال حاسم وتغيير جوهري جديرين بأن يعدّا بواكير نهضة عربية ثانية، وتشترط لذلك وجود الفكر كبوصلة ضرورية ودواء لعلاج داء العفوية السائد.