تعرض هذه الدراسة لأنموذج محدد من العمل المعجمي الذي يَنْهَل من مجالي اللغة والترجمة، هو عمل المستشرق الفرنسي أدريان بارتليمي الذي أسفر، خلال النصف الأول من القرن العشرين، عن معجم ضخم ثنائي اللغة (عربي– فرنسي) للغة العربية الدارجة في بلاد الشام. وتتقصّى الدراسة ذلك في محاولة لنقل الترجمة من الاهتمام بلغة الاختصاصات والعلوم الدقيقة وسواها إلى الاهتمام بالمصطلحات المتداولة في القطاع الحيّ والمعيوش، أي في اللغة المحكية التي تعبّر خير تعبير عن روحية متكلميها وتنقل حياتهم نقلاً أمينًا. تبيّن الدراسة أن عمل بارتليمي يقع في مكان بين دراسة اللغة في ثباتها المعجمي ودراستها في حركيتها وتطورها مأخوذة في لحظات حدوثها، وفي آونة النطق بها. وتبيّن أيضًا أنّ هذا العمل يعكس صعود طبقة اجتماعية جديدة إلى منصّة التاريخ على إيقاع التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في بلاد الشام، هي طبقة المتعاملين مشافهة باللغات المحكية الذين يشكلون السواد الأعظم من الرأي العام. وتلتفت الدراسة، في سياق ذلك كلّه، إلى جهد الترجمة والتعريب والجهد المعجمي الذي يُبرز قدرة العربية –الفصحى والعامية– على تلقف الكلمات الوافدة وإيجاد مقابلات لها يستسيغها الجمهور وتشقّ طريقها إلى المعاجم. كما تلتفت إلى فارق بين الجهد اللغوي لأهل المجامع اللغوية، ذلك الجهد الذي يتّخذ المنحى التتابعي الأحادي الخطّ في تعامله مع الشأن اللغوي، وبين الجهد اللغوي لدى المستشرقين وواضعي معاجم اللهجات، وهو جهد يركز على مسألة
الحكي أو كلام الناس، في محاولة للاهتمام بما تدعوه الدراسة «الفاعل الاجتماعي »