تنطلق هذه المساهمة من تتبّع إدراك الحركة الصهيونية منذ المؤتمر الصهيوني الأول بمدينة بازل السويسرية سنة 1899 خطورة السينما في الدعاية لفكرتها، والتمكين لها؛ فقد قُدِّم إلى ذلك المؤتمر مشروع مفصَّل يؤكد أهمية هذا الفن الجديد للمشروع الصهيوني. وشكلت السينما أداة فعالة في قيام الكيان الصهيوني وبنائه، وهذا ما يؤكده كتاب .Cinema and Zionism
ترصد المقالة كيف كانت السينما من بين الأدوات التي توسلت بها الحركة الصهيونية في دعايتها في المغرب، فضلً عن الصحيفة والراديو والكتاب والمحاضرة. وتفترض أن السينما كانت الأداة الأنجع في مجتمع نسبة الأمّية فيه مرتفعة، فلم يكن ثمة وسيلة للوصول إلى الجمهور أفضل من الفيلم السينمائي. وهذا جعل عامل الصورة المحدد الأساسي في تشكيل الوعي الجماهيري.
يبرهن الباحث في مساهمته عن توظيف الصهيونية سحر الصورة، وهو سحر فعال له تأثير سريع ومباشر، لإحداث تحوّل في الأنموذج ( Paradigm Shift ) لدى المغاربة اليهود. وتمثّل هذا التحول في تغيّ نظرتهم إلى أنفسهم ووضعهم كأقلية، وإلى الأغلبية المسلمة التي أصبح اليهود ينظرون إليها بنظرة المستعمر ويتحدثون عنها بلغته، بل بلغ بهم الأمر إهانة الدين الإسلامي. وقد أدرك المسلمون هذا التحول في الأنموذج لدى من كانوا بالأمس من أهل الذمة، وهو ما كان يثير سخطهم الذي عبّ عنه المثقفون بأقلامهم، والعامة بشكاوى إلى السلطات وبمواجهات أحيانًا مع اليهود. كان من نتائج التحول في الأنموذج لدى اليهود المغاربة أن استطاعت الحركة الصهيونية، بواسطة السينما التي كانت إحدى الأدوات الأساسية، تحويل ارتباط اليهود بفلسطين من ارتباط ديني إلى ارتباط سياسي، استيطاني حلولي، الأمر الذي سهّل مأموريتها في اجتثاث المغاربة اليهود وتهجيرهم إلى أرض «تتدفق لبنًا وعسلً »، أرض فلسطين المحتلة.
نشر هذا المقال في العدد التاسع من مجلة تبيّن.