كثيرًا ما ترسم مصادر التاريخ الاجتماعي ومراجعه، وبعض وسائل الإعلام، صورًا قاتمةً عن وضع المرأة في التاريخ الإسلامي، وعن تضاؤل وضعها في الحياة العامة، وربما تلاشي دورها، ولا سيما في اليمن. والحق أنّ مثل هذه الصّور قد تصدق في بعض العصور، وفي جغرافيات محدودة، لكن من الظلم تعميمها عبر الزمان والمكان. وفي المقابل أهملت كثير من الدراسات مسيرة الأوقاف وأثرها في النهضة العلمية، بوصفها رائدة مؤسسات المجتمع المدني في التاريخ الإسلامي.
من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة لرصد مساهمة المرأة والأوقاف في النهضة العلمية في عصر الدولة الرسولية باليمن، من خال التركيز على أوقاف المرأة الرسولية العلمية في مدينة زبيد التي أضحت بفضل هذا الأوقاف وما نتج منها من مؤسسات تعليمية مدينةَ العلم والعلماء.
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدد من النتائج، لعل أهمها أنّ المرأة الرسولية قد ساهمت بأوقافها في النهضة العلمية في اليمن، وفي مدينة زبيد بوجه خاص، حتى أضحت هذه المدينة مدينة العلم والعلماء. إنّ زبيد لم تهمل بانتقال عاصمة الرسوليين منها إلى تعز، بل ظلت في دائرة اهتمام الرسوليين سياسيًا وعلميًا، فحظيت بعدد كبير من الأوقاف العلمية، كان منها أوقاف علمية لنساء بني رسول.