تنطلق هذه الدراسة من فرضية أنّ أسباب تدخّل العسكريين في السلطة في السودان تعود إلى الاستقطاب السياسي المتزامن مع تسييس المؤسسة العسكرية؛ إذ أصبح العسكريون امتدادًا للمدنيين داخل المؤسسة العسكرية، فعندما يخسر السياسيون المدنيون في الميدان السياسي، يلجؤون إلى حلفائهم العسكريين كي يقوموا بانقلاب عسكري ويفرضوا واقعًا جديدًا. ولاحظت الدراسة أنّ الضباط الذين تسلّموا السلطة عبر انقلابات، فعلوا ذلك بتواطؤ مع قوًى سياسية مدنية. ولكنْ ينبغي ألّا يُنظر إلى العسكريين الحكام بمعزل عن الأوضاع المجتمعية السائدة؛ فالمجتمع السوداني يشهد تسييسًا حادًا: نقاباته واتحاداته ومدارسه ومؤسساته الدينية. والمؤسسة العسكرية ليست استثناءً. وعندما يقوم الضباط بانقلاب، فإنّهم يسعون لتحقيق ما فشل فيه نظراؤهم من المدنيين؛ فالانقلاب العسكري في السودان هو استمرار للعملية السياسية بوسائل أخرى.