تبرز فرضية الدراسة من خلال معالجة ملابسات الهويَّات التي كانت سائدة خلال أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ومظاهرها، وخصوصًا الإقرار بوحدة الإدارة المركزية للولايات العراقية الثلاث: بغداد، والبصرة، والموصل، تحت قيادة ولاية بغداد. وبرز ذلك في كثير من المخاطبات المحلية والتقارير الخاصة مع الجهات الرسمية التي اشتملت على مفهوم "العراق" باعتباره بديلًا اجتماعيًّا من "العشيرة"، أو بديلًا جغرافيًّا من "الديرة". تؤكد فرضية الدولة المصطنَعة، ولا سيَّما في السردية البريطانية، الأنموذج الأوروبي في تكوين الدول الحديثة؛ ذلك الأنموذج الذي يُقدِّم مفهوم "الدولة-الأمّة" على ما سواه من تفسيرات تكوين الدول الحديثة، ويقصرها عليه، معتبرًا إياه الأنموذج الأكمل في قياس درجة تطور الدول الحديثة النشأة واندماج سكانها وتجانسهم داخل إطار الحدود الإدارية. وبمعنى آخر، إن عدم التماهي مع أنموذج "الدولة-الأمّة" من شأنه أن يفرز إخفاقًا في تجانس المكونات الشعبية، وإقحامًا للإدماج القسري المختلَق في تكوين الدولة وبُناها، سياسيًّا وإداريًّا؛ وهذا بالضبط ما أرادت أن تروِّجه السردية البريطانية ونظيراتها.