يتطرق هذا البحث إلى تطور الكتابة التاريخية بالمغرب من تاريخ الأسر الحاكمة إلى الزمن الراهن، وينقسم هذا التطور إلى ثلاث مراحل متفاوتة من حيث الامتداد الزمني، ويتميز كل منها بتجانس كبير؛ وهي مرحلة ما قبل الاستعمار، والمرحلة الاستعمارية، ومرحلة ما بعد الاستقلال. وقد عرفت المرحلة الأولى انتشار الكتابة التقليدية ذات الصلة بالعلوم الشرعية، وتركيزها على التراجم والوفيات ثم الحوليات وتاريخ تعاقب الدول ومآثر السلاطين. ثم جاءت المرحلة الثانية بمفاهيم ومناهج جديدة وفدت مع علوم اجتماعية حديثة، ومن ضمنها التاريخ بمنظور الوضعانية الأوروبية. ولكنّ عددًا من هذه العلوم كانت مشربة بنظرة استعمارية استعلائية تصدى للرد عليها مؤرخون مغاربة غداة الحصول على الاستقلال، فكان إنتاجهم جزءًا من المرحلة الثالثة، حيث تدرجت الكتابة من توجه ذي نزعة وطنية إلى التاريخ الاجتماعي، ثم الكتابة المنفتحة على شتى الاتجاهات؛ مثل تاريخ العقليات والتاريخ العلائقي وتاريخ الزمن الراهن. وفي الختام، يطرح السؤال عن مستقبل الكتابة التاريخية المغربية بين تعميق المكتسبات واحتمال النكوص.