ثمّة نسخ كثيرة لمعاهدات معقودة بين الحكام الأوروبيين والسلاطين المماليك محفوظة في مراكز الأرشيف الأوروبية، وتحديدًا في مدن البندقية وجنوى وفلورنسا وبرشلونة وراغوزا. وتسمح لنا هذه النسخ بدراسة العلاقات التي قامت بين السلطات المملوكية والتجار الأوروبيين الذين استقروا في مصر وبلاد الشام خلال العصر المملوكي بين النصف الثاني من القرن الثالث عشر ونهاية القرن الخامس عشر. وكانت النصوص الأصلية تُكتَب باللغة العربية في ديوان ﺇنشاء السلاطين، ومن ثم تُترجم لإعطاء نسخة للمبعوثين الأوروبيين ﺇلى بلاط السلطان. ولم يكن يرد ذكر نصوص المعاهدات المعقودة بين السلاطين المماليك والحكام اﻹيطاليين في كتب الحوليات وكتب اﻹنشاء التي تعود ﺇلى عصر المماليك، ولم يُشر كاتبو هذه المصنفات ﺇلى ترجمة النصوص من العربية ﺇلى اللاتينية والإيطالية، كما لم يذكروا مترجميها، ولم يعطوا معلومات عن الأصول التي كان يتّبعها المترجمون، وعن المعايير التي كانت معتمدة في ترجمة المعاهدات والمراسلات المتبادلة بين السلاطين والحكام اﻹيطاليين. لذلك، تتمثّل أهمية النصوص المترجمة المحفوظة في مراكز الأرشيف الإيطالية في كونها مصدرًا يوفر مادةً غنيةً، ومعلومات مهمة عن أسلوب الكتابة وطريقة الترجمة المعتمدة والمصطلحات والمفردات والعبارات المستخدمة والاختلافات في الكتابة ولغة التخاطب الدبلوماسي مع الحكام الإيطاليين المعتمدة في ديوان الإنشاء وتطوّرها بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر. تهتمّ هذه الدراسة بتأثير اللغة العربية في الدبلوماسية الإيطالية وتحليله، في محاولة للإجابة عن الأسئلة الآتية: ما أسباب اعتماد مفردات عربية في الترجمات اللاتينية والإيطالية؟ وﺇلى أي حدّ كانت الترجمة دقيقة؟ ثمّ أكان التأثير اللغوي من جانب واحد أم متبادلًا؟