صدر عن "سلسلة أطروحات الدكتوراه" في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب أنس خالد النصار الاستراتيجيا الصينية تجاه الدول العربية: الأهداف والمآلات - دراسة استشرافية، يحلل فيه الرؤى الاستراتيجية للصين تجاه الدول العربية، بغية معرفة مجالاتها وأهدافها، والأدوات التي تستخدمها لتحقيق تلك الأهداف، وآثارها الإيجابية والسلبية على دول المنطقة، وذلك من خلال استكشاف مآلاتها المستقبلية المحتملة والمرجّحة.
ويتألف هذا الكتاب (276 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من 5 فصول.
رؤية استراتيجية
في الفصل الأول، "مشكلة الدراسة وإطارها المنهجي"، يبين نصار الأسس العلمية التي انطلق منها في دراسته، فيوضح مشكلة الدراسة وتساؤلاتها وأهدافها وأهميتها وحدودها، وأهم المفاهيم التي تخللت مضامينها، مع تحديد الأطر المنهجية التي اعتمدتها. كما يحلل خصائص الخبراء الذين استُشيروا في بعض أجزاء هذه الدراسة، ومجموعة من الدراسات السابقة المتنوعة (عربية، وإنكليزية، وصينية)، مع تقويم يبيّن ما تميزت به دراستنا، مختتمًا بتوضيح الرؤية الاستراتيجية لموضوع بحثه.
ويعرض المؤلف، في الفصل الثاني، "الرؤى الاستراتيجية للصين وتحولاتها"، لعدد من نظريات العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، ويحلل تغيرات التوجه الاستراتيجي الذي ترتكز عليه سياسة الصين الخارجية ورؤيتها لعلاقاتها مع الدول الأخرى، مع تحليلٍ لقدراتها ومكانتها، بغية التوصل إلى رؤيتها الاستراتيجية الراهنة وأهدافها وأدواتها، وليكون ذلك منطلقًا لتحليل استراتيجيتها ومجالات هذه الاستراتيجيا تجاه الدول العربية.
الاستراتيجيا الصينية تجاه الدول العربية
أما في الفصل الثالث، "الاستراتيجيا الصينية تجاه الدول العربية"، فيحلل المؤلف العلاقات الصينية - العربية، ويستشف الاستراتيجيا الصينية تجاه الدول العربية، من خلال تحليل الجانب التاريخي لتلك العلاقة، وتحليل البيئة العربية وواقع دولها وحاجاتها، والتهديدات المحيطة بها، ثم استخلاص الرؤية الاستراتيجية الصينية تجاه المنطقة العربية، والانتقال إلى تحليل السياسة الصينية تجاه الدول العربية، بالاستناد إلى الوثيقة الصادرة عن الجهات الرسمية الصينية في عام 2016، وتحليلًا لاستخلاص مجالات تلك السياسة، والمشروعات الاستراتيجية، وأهمها مشروع "الحزام والطريق". يلاحظ المؤلف أن معظم الدول العربية المنضمة إلى المبادرة هي من دول الخليج، لأنها تربطها بالصين علاقات قوية في مجالات تصدير النفط والغاز. وهي علاقات تحاول الصين تعزيزها من خلال المبادرة، في حين تحاول تلك الدول الاستفادة من المبادرة من خلال مشروعاتها، والحفاظ على الشراكة الاستراتيجية؛ ما يجعل الصين تسعى إلى تسريع مفاوضات منطقة التجارة الحرة بينها وبين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لكن من غير أن تهمل باقي الدول.
أهداف الاستراتيجيا الصينية
ويعرض النصار، في الفصل الرابع، "أهداف الاستراتيجيا الصينية وأدواتها ومآلاتها تجاه الدول العربية"، مقابلات شفوية مع مجموعة من الخبراء في الشأن الصيني والعلاقات الدولية، للاستنارة بآرائهم، موزعًا الأسئلة في ثلاثة محاور: الأهداف، والأدوات، والمآلات. ويعقد المؤلف مقارنات عدة في أثناء التحليل، أُولاها مقارنة بين مجموعات الخبراء أنفسهم، حيث عُني الباحث بأن يكونوا من جنسيات مختلفة، ومن ثمّ سيكون هناك آراء صينية وأخرى عربية، تنجم عن المقارنة بينها صورة أوضح، لتساهم على نحوٍ علمي في الإجابة عن تساؤلات الدراسة وتحقيق أهدافها. كما يقارن بين ما تم التوصل إليه من خلال تحليل آراء الخبراء وما تم الحديث عنه في الإطار النظري من دراسات سابقة ووثائق رسمية، لاستخلاص مكامن الاتفاق والاختلاف بين أهداف الصين العامة والأهداف الخاصة بالمنطقة العربية وأدوات تحقيقها، ليبنى عليها مآلاتها وسيناريوهاتها المستقبلية.
خلاصة ونتائج وتوصيات
عرض المؤلف في الفصل الخامس، "الخلاصة والنتائج والتوصيات"، خلاصة دراسته ونتائجها، واقترح اعتماد تخطيط بعيد المدى لتحليل أهداف الصين الاستراتيجية وتطورها زمنيًا، وانعكاسها سلبيًا أو إيجابيًا على الدول العربية، من خلال إنشاء مركز عربي للدراسات الاستراتيجية الصينية؛ ورصد التغير في العلاقات الاقتصادية العربية - الصينية، وتضمين ذلك في التقرير الاقتصادي العربي الموحد، في فصل مستقل، للاستناد إليه في التخطيط والبحث العلمي؛ وإنشاء مراكز بحثية خاصة بتحليل العلاقة بين الدول العربية والصين في المجالات كلها، ولا سيما المجالين الاقتصادي والثقافي، للتمكن من الاستفادة من الصين بوصفها قوة صاعدة؛ وتشجيع الدراسات والبحوث العلمية التي تحلّل كل مجال من مجالات العلاقة مع الصين على حدة، وكيفية مقابلة كل هدف استراتيجي صيني في كل مجال بهدف عربي يحقق المصالح والمنفعة المشتركة؛ وإعداد دراسات خاصة بمبادرة "الحزام والطريق"، وكيفية استفادة الدول العربية من مشروعاتها في تحقيق التنمية والنمو للدول العربية.