تسعى هذه الدراسة للكشف عن الأدوار التي قامت بها لجان الحقيقة في أميركا اللاتينية في إرساء العدالة الانتقالية، وذلك في سياق مقارن يستدعي ثلاث تجارب رئيسة، هي: الأرجنتين، وتشيلي، وبيرو. وتحاول تسليط الضوء على السياقات التي أتاحت لهذه التجارب الالتحام بالتحول الديمقراطي واستيعاب تعقيداته، من خلال مساءلة الديناميات التي رافقت تأسيس لجان الحقيقة، والتعرف إلى أدوار الفاعلين في إدارة التوتر بين مطالب الضحايا من جهة، ومتطلبات المصالحة والسلم الأهلي من جهة أخرى. وتبيّن الدراسة أن تأسيس لجان الحقيقة ارتبط بطبيعة التحديات التي واجهتها البلدان اللاتينية في التحول الديمقراطي وتجاوز إرث الانتهاكات السابقة. وبقدر ما اختزلت هذه التحديات أزمة الشرعية التي عصفت بهذه الأنظمة ودفعتها إلى الانخراط في هذا التحول، أبرزت أيضًا الإمكانات التي وفّرتها هذه اللجان للفاعلين لتدبير توترات هذا التحول.