يُعدّ موضوع الحريم محورًا رئيسًا في جملة أعمال المستشرقين والرحّالة الأوروبيين، نسجوا حوله خيالات تجاوزوا بها الواقع وأسقطوا عليه تمثّلاتهم الثقافية، فتارة صوّروا المرأة الشرقية مقموعةً ومُقيّدة، وتارة أخرى انتقدوا دورها بصفتها فاعلًا سياسيًا، وجعلوها أحد العوامل الرئيسة في انهيار الإمبراطوريات الإسلامية، وفي هذا السياق حظيت بلاد فارس بفيض من تلك الرحلات. تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على حضور المرأة الصفوية في المشهد السياسي، والمكانة التي حظيت بها في البلاط الصفوي بين الواقع والخيال، وتدعو إلى قراءة النصوص التاريخية بمعطيات معاصرة، وتجاوز الصورة النمطية بشأن حكم الحريم، ومحاولة رؤية الدور الذي قامت به المرأة أيضًا في الحفاظ على بنى الدولة وتيسير الانتقال من حاكم إلى آخر بسلاسة، عبر عرض نماذج نسائية مارست المرأة فيها تأثيرًا سياسيًا جوهريًا في البلاط الصفوي. وقد لا تنطبق هذه الرؤية على النماذج كلها، بيد أنها تنسف الفكرة الشائعة بشأن عدم أهلية المرأة لخوض غمار الحكم. كما تعرض الدراسة مسيرة المرأة ووضعها في ظل القيود المفروضة عليها ودورها في ازدهار الحضارة الصفوية.