شهدت الديموغرافيا السورية سيرورة تحولات تدريجية عبر عقود ما بعد الاستقلال منذ عام 1946. ومع ما اعتراها من استمرارية حينًا وتعثّر حينًا آخر، فإنّ المسارات العامة للتحول كانت تسمح بالتنبؤ بارتفاع في مستوى مؤشرات التنمية إجمالًا، وتزايد مستمر في العمر المتوقع عند الولادة وتراجع في وفيات الصغار والأمهات، وتناقص تدريجي في مؤشرات المولودية والخصوبة، ونمو سكاني في تباطؤ نسبيّ. لكن، وبحلول عام 2011، انقلبت سيرورة التحول الديموغرافي في سورية؛ فشكّلت بداية الأزمة السورية قطيعة بالمعنى الدقيق للكلمة على المستوى الديموغرافي، لا تنفصل عن مجمل الاختلال الذي أصاب بنية المجتمع السوري بفعل سنوات الصراع التي قاربت العشر، وتترافق بقطيعة أخرى على مستوى المعرفة بالواقع الديموغرافي كمًّا وكيفًا. يسعى هذا البحث إلى تقديم إجابات عن هذه الأسئلة، محاولًا من خلالها رسم صورة أولية عن التحولات المرجّحة لحركية السكان في سورية خلال العقد المقبل.