تخرج هذه الدراسة من الخطاب المتعلق بالأقليّات، بوصفها ضحايا، لتقدمها بوصفها فواعل تاريخية متعدّدة الأبعاد، وتحلّل علاقتها بالحداثة السياسية والبناء الوطني. وتبين كيف عُززت الطوائف، وكيف سمحت الأقلّيات المسكونة بثقافة عثمانية بأن تتلاعب بها النخبُ الدينية والعشيرة الحاكمة. لقد غذّى نظام الأسد الذي تدعمه الطائفة العلوية الزبائنية الخوفَ من الإسلام السنّي، ونفذ على مراحل "عملية نسف وطني"، بدأت منذ عام 1970 . يضاف إلى ذلك أن الأزمة التي بدأت عام 2011 ، ورافقها قمع عنفي شديد، قد تحولت إلى حرب أهلية؛ ما شجع نظام الأسد على المستويين المذهبي والسياسي، فاستعمل مفردات مذهبية معارضة للسنّة بشدة، وموالية للشيعة وإيران. وبات يرى في دمشق عاصمةً للأقلّيات، في إطار إرادة تسعى لإعادة تغيير ديموغرافي في سورية. وتناقش الدراسة العوامل التي تتيح التفكير في مستقبل لسورية متعدّدة الطوائف، وتركز على مسألة نموذج الدولة الذي يجب إعادة تحديده، آخذًا في الحسبان وجود جميع الطوائف التي تتشارك في الثقافة السياسية نفسها، وتطالب جميعها، بما فيها السنّة، بالضمانات.