تنطلق الدراسة من إشكالية مفادها أنه على الرغم من أن الدولة السلطانية العثمانية ورثت القانون الإسلامي وتبنته في التعامل مع الأوقاف في الولايات العثمانية، فإنها تبنت في عصر التنظيمات (1839-1878) سياسة "عدائية" جديدة له، خاصة فيما يتعلق بالأوقاف الخيرية الإسلامية. وفي المقابل، التزمت بهذا القانون فيما يتعلق بالأوقاف المسيحية. تحاول الدراسة الكشف عن الأسباب الكامنة وراء هذه السياسة ذات المعايير المزدوجة. بمعنى تفسير إشكالية الديني والسياسي في العلاقة بين الدولة السلطانية والأوقاف المسيحية في القدس العثمانية. وتفترض أن الأوقاف المسيحية بشقيها الخيري والذري في الدولة العثمانية بشكل عام، وفي القدس بشكل خاص، كانت مستثناة من سياسات الدولة العثمانية وقوانينها "الإصلاحية" تجاه الأوقاف، ولم تتعرض للسياسة "العدائية" نفسها التي تعرضت لها الأوقاف الخيرية الإسلامية، بل على العكس كانت هذه التشريعات الجديدة الدرع الحامي للأوقاف المسيحية ومنحتها حصانة أمام سياسات الدولة الجديدة في ذلك العصر.