تُعد العلاقة السببية بين الحرية الاقتصادية والحرية السياسية من العلاقات المتشعبة والمثيرة للاهتمام في حقول العلوم الاجتماعية. وللإسهام في إغناء النقاش الأكاديمي حول هذه المسألة، حاولنا دراسة الحالة العربية اعتمادًا على أدوات الاقتصاد القياسي، ولا سيما اختبار السببية. واستنادًا إلى نتائج الدراسة، ظهر أن التفاعلات بين الحرية الاقتصادية والحرية السياسية في العالم العربي تتماشى عمومًا مع الأطروحة التي دافع عنها المفكرون الليبراليون، ولا سيما ميلتون فريدمان وفريدريك هايك، والتي تفيد بوجود علاقة سببية أحادية تتجه من المتغير الأول نحو المتغير الثاني. وقد يبدو أن هذه النتيجة بديهية في سياق عربي متحول، غير أن الواقع يبدو أشد تعقيدًا وتركيبًا، فصحيح أن الحرية الاقتصادية تضمن التحرر وبناء "الذات" الوطنية وتحقيق شروط الرفاهية للأفراد، لكنها لا تُفهم بمعزل عن الحرية السياسية وسياقاتها الاجتماعية وبنياتها الثقافية، على عكس المجتمع العصباني المقيّد.