تعالج هذه الدراسة مشكلتين متداخلتين، إحداهما تتعلق بكيفية تصنيف مصادر تاريخ الثورة والدولة المهدية في السودان (1881-1898) من حيث الموضوع، والجهات المنشئة لها، والظروف السياسية والثقافية والاجتماعية التي أسهمت في صوغ مفرداتها؛ والأخرى تتعلق بكيفية استثمار هذه المصادر الأولية في دراسة تاريخ الثورة والدولة المهدية، وفق معايير منهجية لتحليل محتوياتها في ضوء المؤثرات الداخلية والخارجية التي أحاطت بعملية تشكيلها. وتفترض هذه الدراسة أنّ تصنيف مصادر المهدية الأولية بالطريقة المقترحة، ووضع معايير منهجية لاستثمارها في دراسات تاريخ الثورة والدولة المهدية، سيُخرجان الباحثين من دائرة المعالجة "الوضعانية" للمصادر الأولية المكتوبة (الوثيقة)، باعتبارها الأداة الوحيدة للمعرفة التاريخية ودليل بنائها، إلى دائرة المعالجة التاريخانية التي تساعد في توسيع دائرة المصادر الأولية المكتوبة، لتشمل المشاهد الجغرافية، والشهادات الشفوية، والآثار المادية، فضلًا عن تحليل النصّ المكتوب وتأويله بحسب الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شكلت وقائعه وأحداثه.