تهدف هذه الدراسة إلى الانخراط، من خلال مقاربة وصفية وتصنيفية، في الجدل الدائر حول علاقة السلطة بالعالم الافتراضي، وذلك عبر رصد بنية منظومة "المراقبة الرقمية" في بلدان الشرق الأوسط ومكوّناتها، وتتبع أثرها في طموحات التمكين المعلوماتي التي كثيرًا ما راودت الناشطين والحركيين في الفضاء الرقمي. في هذا الصدد، تلقي الدراسة الضوء على أهم تقنيات الرقابة/ المراقبة التي تستخدمها الحكومات، والطرائق التي تُطوِّع من خلالها منظوماتها القانونية خدمة لأغراض التتبع الرقمي، وذلك في محاولة لفهم الكيفية التي أثّرت بها التقانة الرقمية في طبيعة العلاقة بين الأنظمة والناشطين، وتقييم مدى النجاح الذي أحرزته الأنظمة (المُمَكَّنة تقانيًا) في تطويع خصائص الافتراضي لأغراض الرقابة والمراقبة. وتخلص الدراسة إلى أنه على الرغم من أن الفضاء والتقانة الرقميين قد مثّلا لبعض الوقت مساحة وأداة للانعتاق أمام الناشطين، عبر الالتفاف على مظاهر التضييق التي قد تمارسها الأنظمة على المجال العام، فإن الأخيرة قد نجحت بدرجة كبيرة في أن تستوعب المدخلات الجديدة، وأن تمارس الرقابة/ المراقبة على المجال الافتراضي أيضًا. وهو ما يُلقي بظلال من الشك حول مستقبل الدور الذي يمكن أن ينهض به الافتراضي في موازنة إجراءات التتبع الحكومية.