هناك أنماط مختلفة من الثقافة السياسية، كما أنّ هناك عناصر متعددة في الثقافة السياسية على اختلاف أنماطها. في هذه الدراسة، لن نهتم بالثقافة السياسية بعناصرها كافة، بل سنفحص ونناقش الجزء المتعلق بالتوجهات الانفعالية Emotions، أي كل ما يتعلق بالمشاعر، والعواطف، والوجدانيات المختلفة التي نختبرها في حياتنا الثقافية السياسية التي نعتقد أنها لا تنفصل عن القيم والأحكام التقييمية. هناك تحديد آخر نمتثل إليه في هذه الدراسة، وهو أننا لن نناقش أنماط الثقافة السياسية المختلفة، بل سينصب جهدنا على نوعٍ محدَّدٍ من الثقافة السياسية، وهو "الثقافة السياسية الديمقراطية". وسيتمخض عملنا عن مناقشة علاقة مفاهيمية بين "الثقافة السياسية" و"النظام السياسي"، هي: علاقة التوائمCongruence أو التناسب. وهذه العلاقة أقل إثارة للخلاف من العلاقة السببية التي يراها البعض بين النظام والثقافة، ولكنها تمهد للقيام بالأبحاث التجريبية، بحثًا عن علاقات سببية، ذلك أنها تزوّدنا بمفاهيم تَصْلُح للاستخدام في صياغة الفرضيات التجريبية.