تروم هذه الدراسة الإجابة عن سؤال مركزي هو: هل ساهم تدبير المخزن للأوضاع السياسية في المغرب خلال القرن التاسع عشر في تردي أحوال العامة؟ ولمعالجة هذا الموضوع اعتمدنا النبش والتقصي في المصادر المعاصرة لتجميع شتاته مركّزين على فترتَي حكم السلطانين المولى سليمان والمولى الحسن الأول. فقد اختلفت معالم سياسة المخزن من سلطان إلى آخر، وتبدلت بتبدل الظروف العامة للبلاد، فراوح وقعها على العامة بين الخير العميم والتفقير المدقع. لكن ما كان يميز هذه العلاقة خلال القرن التاسع عشر أنها كانت معقدة، ميّزها تزايد تكالب القوى الاستعمارية الأوروبية، وتزايد الضغوط التي مارستها على المغرب؛ فكان بديهيًا أن تتأثر علاقة المخزن بالسكان؛ إذ ازدادت الجبايات، وتعددت أسماؤها، في وقت ساد فيه القحط، الذي كان مؤديًا في الغالب إلى اشتداد المسغبة، فتمردت القبائل التي توجد في الهامش، وكان ردّ السلاطين تنظيم "حركات" لتأديبها وتحصيل الضرائب والغرامات.