يعد استقلال القضاء إحدى السمات المميزة للنظم السياسية الحديثة. وعلى الرغم من ذلك، فإن ثمة ندرة في الدراسات العربية المعنية بهذا الموضوع. تحاول هذه الدراسة إلقاء الضوء على حالة استقلال القضاء في الوطن العربي، وترتكز على البحث في مدى استقلال مؤسسات الرقابة على التشريعات والمجالس القضائية العليا؛ ذلك أن الأولى تؤدي دورًا محوريًا في ترسيخ مبدأ سمو الدستور، بينما تؤدي الأخرى دورًا أساسيًا في إدارة العدالة. وقد خلصت الدراسة إلى أن هذه المؤسسات، على الرغم من إنشائها في الدول العربية في مرحلة ما بعد الاستقلال، لم تكن دليلًا على تنمية سياسية حقة. ففي الغالب، حاولت أنظمة الحكم إنشاء هياكل تحاكي مثيلاتها في الديمقراطيات شكليًا، لكن من دون منحها استقلالًا يمكنها من أداء وظائفها. وعمل كثير من هذه الأنظمة على إخضاع المجالس القضائية العليا ومؤسسات الرقابة على التشريعات (محاكم دستورية، ومحاكم عليا، ومجالس دستورية). وتمثل أبرز مظاهر ذلك في إصرار السلطة التنفيذية على التحكم في عملية تشكيل هذه المؤسسات.