تتّخذ هذه الدراسة من البلدان العربية التي اندلعت فيها الثورات الأخيرة، خاصةً تونس وليبيا،
مح لاختبار الفارق بين فكر عزمي بشارة وما يدعوه الباحث بالرؤية الأيديولوجية الإسلامية
الوفاقية. وأداته في ذلك هي استخراج ما في كتابات بشارة من بناء نظري لمفهوم «قابلية التطبيق
الديمقراطي » الذي يسكّه الباحث على غرار مفهوم بشارة “القابلية للثورة”. وهو يجد أنَّ بداية
تميّز بشارة تتمثّل في تقديمه الديمقراطية ح للمسألة العربية، على نحو يشمل فيه المركّب الك الذي يجسّده الحلّ الديمقراطي ك من مفهوميّ الهوية والأمّة، والدولة والمجتمع المدني، والآلية
الديمقراطية وتشريعاتها، في ترابط بنيويّ وفي صيرورة واحدة من التشكّل.
هكذا، وبخلاف الفكر التوفيقي العربي السائد، تبدو القومية العربية عند بشارة هوية ثقافية
حداثية، وتبدو الأمّة العربية مشروعاً مستقبليًا. كما يغدو وجود المجتمع المدني، شأنه شأن قرينه
النظام السياسي الديمقراطي، وليد سياق يفترض وجود دولة حديثة قوية ذات سيادة، على
نحو يُدْرِج مطلب الانتقال الديمقراطي ضمن سيرورة المضيّ في مسار التحديث لا في مسار
الرجوع عنه.