تمت عملية الإضافة الى سلة التسوق بنجاح لديك الآن  مادة/مواد في سلة التسوق الخاصة بك
  • شارك:
الفرق في الإسلام: مدخل إلى دراسة الدين الإسلامي
  • السعر :
    22.00 $
  • بعد الخصم :
    17.60 $
  • الكميّة:
  •  

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ضمن سلسلة "ترجمان" كتاب الفرق في الإسلام: مدخل إلى دراسة الدين الإسلامي Les schismes dans l'Islam: Introduction à une étude de la religion musulmane، وهو من تأليف هنري لاوست وترجمة راضي علوش. ويشتمل هذا الكتاب على مقدمة وأحد عشر فصلًا وخلاصة تبحث في الفِرَق الإسلامية من وجهة نظر مستشرق فرنسي اشتُهر بأنه يكتب عن الدين الإسلامي بحيادية وموضوعية؛ إذ تعرّف إلى الإسلام والمسلمين عن قُربٍ بعد أن عاش معهم ونهل من كتبهم، وكتب في علمائهم وتراثهم وتاريخهم. وهذا الكتاب فريد في موضوعه، وهو يبحث في ظاهرة الفِرق في الإسلام من خارج الإطار التقليدي المتَّبَع، وذلك بتبيين فهْمِ كلٍّ منها للإسلام في سياق زمانها، فضلًا عن المشترك والمختلف في فهم كل فرقة مقارنةً بالفِرق الأخرى، من دون اتخاذ أي منها "أنموذجًا" يُحتذى ويُنطلق منه في الحكم. يقع الكتاب في 568 صفحة، شاملةً ببليوغرافيا وفهرسًا عامًّا.

يُعَدّ الفرنسي هنري لاوست (1905-1983) من أهم المستشرقين المعتنين بالتراث العربي والإسلامي، ولا سيما مدرسة الحنابلة وأحمد بن تيمية، ومن أقربهم إلى الإنصاف والموضوعية، لاختلاطه بالعرب والمسلمين منذ أن كان يافعًا. فقد درس مرحلته الثانوية في مدينة الرباط، ونال فيها البكالوريا، ثم عاد إلى باريس والتحق بمدرسة المعلمين العليا تلميذًا، ثم طالبًا في كلية الآداب بجامعة السوربون، وحصل على "الليسانس" في اللغة العربية، ومثلها في الفلسفة، لينتقل إلى دمشق ملحقًا بالمعهد الفرنسي، ثم إلى القاهرة خلال خمس سنوات، وفيها اتصل بالحركة السلفية ممثلةً برشيد رضا، وتعرّف إلى فكر ابن تيمية، فدبّج فيه رسالتيه بخصوص الدكتوراه، اللتين طبعهما المعهد الفرنسي للآثار الشرقية: الأولى Essai sur les doctrines sociales et politique de Taki-d-Din Ahmad Ibn Taymiyyah (1939)، وهي مترجمة إلى العربية في جزأين بعنوان نظريات شيخ الإسلام ابن تيمية في السياسة والاجتماع (1977)، والثانية بعنوان Contribution à une étude la méthodologie canonique de Taki-d-Din Ahmad Ibn Taimiya، وهي غير مترجمة إلى العربية (يترجم عنوانها بـ: إسهام في دراسة للمناهج الشرعية لابن تيمية).

بعد عودة لاوست إلى دمشق وتعيينه مديرًا للمعهد الفرنسي فيها، أصدر عشرات العناوين المتعلقة بسورية. وإضافةً إلى كتابيه في الإسلاميات المذكورين آنفًا، له عدة مؤلفات، منها: (1970) La politique de Ghazâlî (لم يترجم إلى العربية، وترجمة عنوانه: السياسةعند الغزالي). وقد ترجم لاوست إلى الفرنسية رسالتَي ابن تيمية العقيدةالواسطية والحسبة، وله كتابات عن إسماعيل بن كثير، وحقق الإبانة الصغرى لابن بطة العكبري، فضلًا عن الكتاب الذي نُعنى به حاليًّا.

مستشرق يقرِّب الغرب من الإسلام

ألَّف لاوست كتابه الفرق في الإسلام: مدخل إلى دراسة الدين الإسلاميLes schismes dans l'Islam: Introduction à une étude de la religion musulmane بطلب من دار "بايّو" للنشر Payot، التي أصدرت منه بالفرنسية طبعتين (الأولى عام 1965، والثانية عام 1983)، لكنه لم يستجب لذلك إلّا بعد تردّد وإحجام مبعثهما – كما يقول – أنّ الأمر مشروعٌ فائق الجرأة، وعندما قرر خوضه "بالأمانة تجاه نفسي" كما يقول في مقدمة كتابه، وجّهه إلى الطلاب الغربيين عمومًا والفرنسيين خصوصًا، لما يفتقرون إليه من مؤلفات تعمّق معرفتهم بالدين الإسلامي؛ وذلك انطلاقًا من إيمانه بمسؤولية الأوروبيين الأخلاقية عن إرساء علاقات تفاهم متبادل مع العالم الثالث "الجار" والدين الأهم فيه، كما أراد له أن يكون مؤلَّفًا يقدّم تعريفًا متكاملًا للدين الإسلامي في تحقُّقِه التاريخي المتمثلِ في الفرق والطوائف الإسلامية المختلفة، وفهْمِ كلٍّ منها للإسلام في سياق زمانها، مع الإشارة إلى أنّ في هذا الفهم ما‎ ‎هو مشترك بين الطوائف جميعها، وفيه ‏ما‎ ‎يميز بعضها من بعضها الآخر تمييزًا قد يتسع أو يضيق، وهو ما سماه "تعددية في إطار الوحدة".

منهج لاوست في كتاب "الفرق"

قسّم لاوست كتابه بحسب نهجين: الأول طولي تاريخي، من الزمان‎ الأقدم إلى ما‎ ‎يليه، ابتداءً من عهد الصحابة ‏وانتهاءً بالعصر الحديث. والثاني أفقي جغرافي، وفيه يرصد فِرَقَ الزمن ‏الواحد وأماكنها المتنوعة (من الهند إلى المغرب)، ويسجل ‏اختلافها وأهم أعلامِها ومقولاتِها وآرائِها بإيجاز غير مخلٍّ. وقد نأى بنفسه عن جعل ‏أي طائفة معيارًا لتاريخ الفرق الأخرى، فكان يسرد المقولات ‏ الزمانية والمكانية لكل فرقة‎‎، ‏وعلاقاتها بالفرق الأخرى، ويعرّف كل منها ‏بما‎ ‎تخالف به غيرها، مركّزًا جهده على الفرق الكلامية الكبرى، ثم الفرق ذات العلاقة بالفلسفة ‏والتصوف.‏

إنّ كتاب الفرق ‎بمنزلة عرضٍ تاريخي بانورامي، أشبه بخريطة ذهنية شاملة ‏لسيرورة المدارس الكلامية والفلسفية والصوفية في الإسلام، من دون التعمق في ‏تحليل أقاويل أي فرقة على نحو تفصيلي، بل إنّ المؤلف يذكر ‏ما‎ ‎يرى أنه الأهم من أقوالها في ظل الأوضاع ‏السياسية التي عاشتها، رابطًا الأشخاص بالأفكار والأحداث بطريقة مميّزة من شأنها أن تسهّل البحث للدارسين؛ طلابًا مبتدئين كانوا، أم قرّاءً مهتمين، أم علماء ‏متخصصين، فهو لم يَدَع - وإن تجنب الإفاضة في كلامه - الإشارات واللفتات التحليلية العابرة.‏

كتاب "تلخيص الفرق": ما له وما عليه

يؤاخذ كتاب الفرق في الإسلام بمحدودية مراجعه، ‏واستقائه من ‏مراجع وسيطة وعامة بدلًا ‎من المصادر المتعلّقة بالموضوع البحثيّ مباشرة‎؛ مثل إحالته على دائرة المعارف الإسلاميةEncyclopédie de l'Islâm، ومدخل إلى تاريخ الشرق الإسلاميIntroduction à l'histoire de l'Orient Musulman لكلود كاهين Claude Cahen، والفلسفة واللاهوت الإسلاميان Islamic Philosophy and Theology لمونتغومري وات W. Montgomery Watt، وتاريخ الفلسفة الإسلاميةHistory of Islamic Philosophy لهنري كوربان Henry Corbin، ومدخلإلىالشريعةالإسلامية An Introduction to Islamic Law لجوزف شاخت Joseph Schacht. وكلها، كما هو واضح، ليست مصادر في الفرق الإسلامية، بل في الفلسفة والتاريخ، وكذا إحالته على الكتب الوسيطة للمؤلف ذاته من دون العودة إلى المصادر الأصلية، مع عدم إغفال المرحلة التي ‏أخرجه فيها؛ فالعديد من من المصادر الأصلية لم تكن محققة ومنشورة في ‏زمان إصدار الكتاب.

ومع هذا، فالكتاب يزخر فوائدَ؛ من حيث العرض التاريخي البانورامي الموجز في آنٍ واحد. ومن فوائده عرض مسائل يمكن أن تناولها القارئ بتعمق إذا رغب في ذلك، وهو نوع من الكتابات ما زلنا نحتاج إلى التمكن منه بعقول وأيدٍ ونظرات عربية، بدلًا من ‏البحث النصوصي المحض، والمتحيز في كثير من الأحيان.‏

فحوى الكتاب والهدف من تأليفه

إن ما يجمع المسلمين ما إن يتمّ الدخول في الإسلام شيء واحد فحسب؛ هو النطق بالشهادتين. أما بعد دخوله، ففي الأمر سعةٌ؛ لتعددية مذهلة تُنتج فرقًا وشِيَعًا ومذاهب ومدارس تتصارع فكريًّا وعقليًّا واجتهاديًّا، على الرغم من أنها تتبادل الاتهامات الغليظة أحيانًا. لقد زالت فرق إسلامية كثيرة عبر الزمن، لكنّ بعضها حتى أيامنا هذه بحيوية لافتة وتصميم راسخ على الديمومة والاستمرار، مع التسلّح بما ورثته عن سلفها من مخزون إيماني وأفكار واعتقادي. فكيف السبيل إلى توضيح الملابسات الدينية والتاريخية في هذه الظاهرة؟ أيكون في الانطلاق من مذهب معيّن للحكم على بقية المذاهب، بمعنى جَعْلِه "أرثوذكسية" تكون هي مصدر الحكم، أم في الانكباب على معرفةِ أعمق تفتقر إلى المستندات والوثائق؟

لقد ظهرت جميع الفرق والمذاهب والمدارس خلال تاريخ طويل مشحون بالأحداث السياسية أو الاجتماعية: السنّة، والخوارج، والشيعة، والمعتزلة، والفلاسفة، والمتصوفة، وغيرها. ومن خلال اتّباع ترتيب زمني، هدف الكتاب إلى إبراز العلاقات المتبادلة بين هذه الحركات التي عارض بعضُها بعضها الآخر، على الرغم من انتمائها كلّها إلى المنظومة الدينية ذاتها. ولئن كانت حقبة الخلافتَين الراشدة والأموية مهمة في ولادة الانشقاقات الأولى وتشكُّل البناء التركيبي للإسلام نفسه، فقد فتحت أدبيات العصر العباسي باب الانشقاقات الإسلامية وكرّست بقاءَها واستمرارها على مختلف الصُّعُد المذهبية العقدية؛ مع الشيعة وكتّاب الحقبة البويهية (الشيخ المفيد، وأبو جعفر الطوسي، وغيرهما)، ومع السنّة (أبو حامد الغزالي، وفخر الدين الرازي)، ومع التصوف (الجنيد، وأبو طالب المكي، وابن عربي)، ومع المعتزلة (القاضي عبد الجبار، وابن أبي الحديد).

يستبعد الكتاب طريقة البحث هذه ويركّز على الخلافة الراشدة من خلال إبراز عصر ازدهار عقائدي مكثف ارتبط لاحقًا بالهلينية في زمن الأمويين وطلائع العباسيين، ويتتبَّع ذلك منذ ترسيخ مذهب السنّة في زمن المتوكل، إلى ما أحدثته الحملة الفرنسية من أثر نهضوي غربي، وولادة كتّاب ومؤلفين من الطراز الأول في العصر المملوكي. أما التاريخ العثماني، فهو في نظر المؤلّف لا يزال يثقل عالمنا الحاضر بشدة، على الرغم من أنه لم يُدرَس جيّدًا، ثمّ إنّ النهضة الشيعية الأهمّ، التي ربط الصفويون اسمَهم بها، متعلّقة على نحو وثيق بدراسة الوقائع المعاصرة. وأخيرًا، شهد القرن التاسع عشر أشكالًا من الإصلاح الديني والتحديث أثّرَا - ولا يزالان يؤثّران - في المجتمعات الإسلامية.

يختتم المؤلّف مقدمة كتابه بإبداء رأيه المتمثّل في أنّ الإسلام دين لن يستنفد رسالته تحت أي ظروف ورغم أيّ صعوبات، ويرى أنه من المهم أن يسارع الناس إلى التعرّف إلى ما ينقله إلى أتباعه من تراث وعادات وتقاليد وتطلعات.

* موقع الكتب الإلكترونية يرحب بتعليقات و مناقشات المشاركين الحية و المهذبة في نفس الوقت ، لذلك نحن لا نتيح شاشة التعليقات ظاهرة و مفتوحة بشكل افتراضي، الى أن يقوم المستخدم بتسجيل الدخول.
البيانات غير متوفرة للمراجعات