تمت عملية الإضافة الى سلة التسوق بنجاح لديك الآن  مادة/مواد في سلة التسوق الخاصة بك
  • شارك:
التاريخ المفروض
  • المؤلفون:
  • هنري لورنس
  • رقم الطبعة : الأولى
  • سنة النشر : 2025
  • عدد الصفحات : 223
  • الحجم : 21*14
  • 9786144456774 ISBN:
  • السعر :
    12.00 $
  • بعد الخصم :
    9.60 $
  • الكميّة:
  •  

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب التاريخ المفروض Le passé imposé، ضِمن سلسلة "ترجمان"، من تأليف هنري لورنس، وترجمة جان جبور. يقع الكتاب في 209 صفحات، إضافة إلى التقديم الذي يتناول تأملات في أفول الحضارة الغربية وتحولات العلاقة بين الغرب والشرق، مستندًا إلى رموز فكرية وتاريخية مثل هارولد ماكميلان وميشيل فوكو. ويبرز الازدواجية الغربية في النظر إلى الشرق بوصفه مهدًا أصيلًا للحضارة وموضوعًا للاستعمار في آنٍ واحد. ويركّز على تعقيد العلاقة بين التاريخ والمعاناة، ويشير إلى فشل مشروع مشترك للمؤلف في هذا الموضوع؛ بسبب صعوبة التوفيق بين السرد التاريخي الموضوعي وتجربة الألم الحية. ويؤكد أن تناول تاريخ العالم العربي الحديث يقتضي مقاربة تتجاوز الجغرافيا إلى مفاهيم مختلفة، مثل العنف والمعاناة وغيرهما. ويشتمل الكتاب، أيضًا، على ثبت مصطلحات، وثبت أعلام، ومراجع وفهرس عامّ. وقد جمع بين دفّتيه أربعة فصول.

ينطلق هذا الكتاب من مراجعة نقدية لأسس المعرفة التاريخية والخطابات المعاصرة حول الذاكرة، ويحلّل تطوّر الاستغراب والاستشراق خارج أُطر فوكو الصارمة، مع تتبُّع تحوّل السرديات في زمن ما بعد الاستعمار، حيث تغيب البطولة لمصلحة الضحية، ويُستبدل الحاضر بالمستقبل، في خضمّ صراعات على كتابة التاريخ.

ويمثّل الكتاب قراءة لكتابة التاريخ تحت سطوة العنف. ففي القرن العشرين، بلغ العنف ذروته بسبب حربَين عالميتين، ومعسكرات إبادة، واستعمار تقنّع بوجه إنساني في خطاباته، فنهب واستعبد باسم التقدم، ولم يهدأ مع نهاية الحرب الباردة، بل اتخذ أشكالًا جديدةً في ظل العولمة؛ إذ ترافقت الهيمنة الاقتصادية مع خطاب سياسي يتذرّع بـ "الحرب على الإرهاب"، مغلّفًا عدوانه بمفردات إنسانية. هكذا أُعيد تشكيل العالم بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001، وتَجدّدت آليات تبرير العنف الإمبريالي، مدفوعةً بحجج تحريرية وإنقاذية، في حين أنها كانت تمارس أنواعًا مروّعة من القهر.

ويُبيّن الكتاب أنّ العنف نفسَه أصبح يُمارَس باسم الإنسانية، بحيث تحوّل في هذا السياق، وفقًا لما تُقدّمه الخطابات الغربية، إلى أداة "إنقاذ": تدخُّل عسكري لحماية حقوق الإنسان، أو قَصْف وقائي لنشر الديمقراطية؛ فتتوارى خلف هذه الواجهة دوافع السيطرة وتكريس الهيمنة الثقافية والسياسية، وهو أمرٌ جعل الخطاب الحقوقي سلاحًا مزدوجًا: يتحدّث باسم الضحايا، لكنه يُسكتهم حينما "يلزم الأمر"، ويعقلن العنف حين يصدر عن "الخير" ضد "الشر". وهكذا، تصبح مقاومة هذا العنف موصومة بالإرهاب، في حين يُقدَّم المعتَدون على أنهم منقذون.

ويتناول الكتاب الحركة الجهادية باعتبار أنها عُنف مضادّ، وأنها نشأت في العالمين العربي والإسلامي بوصفها ردّة فعل على النظام العالمي، وأنها تبنّت - في مقابل ذلك - منطق العنف الشامل والعدمية، فاستهدفت المدنيين، وخلطت حضور الغرب العسكري والمجتمعي بقيم الحداثة ومؤسساتها. لم تكن هذه الحركة خارج التاريخ، بل بنَت خطابها ضمن "السوق العالمية للعنف"، وجاءت بوصفها وجهًا آخر للردّ على تهميش الهويات والتفاوتات البنيوية التي خلّفها الاستعمار والأنظمة التابعة له.

شهادة فرويد وتاريخية العنف

تعود شهادة سيغموند فرويد عن الحرب العالمية الأولى إلى وعي مبكر بهشاشة الحضارة الأوروبية. فقد رأى أن الحرب نزعت القشرة الحضارية الرقيقة، وأعادت الإنسان الأوروبي إلى حالته البدئية الكامنة تحت ركام التقدّم المزعوم. ويشير في رسالته إلى ألبرت أينشتاين، إلى أن غريزة التدمير جزءٌ أصيل من الطبيعة البشرية، لكن العقل - لا الرغبة وحدها - هو الذي يقود إلى إنتاج العنف المنظّم؛ أي الحرب. هذا الفهم للعنف، بوصفه نتيجةَ عقلنةٍ وليس جنونًا، هو الذي يجعل الحرب حدَثًا كاشفًا، لا أمرًا عارضًا شاذًّا في التاريخ.

عنف الذاكرة وتاريخ المهمَّشين

في مواجهة سرديات العنف الرسمية، تنبثق شهادات الذاكرة الفردية والجمعية لتمنح الضحايا صوتًا في التاريخ. لم تَعُد الكتابة التاريخية حكرًا على المنتصرين، بل صارت محورًا لمقاومة النسيان. فالمعاناة لا تُختزل في الأرقام ولا تُمحى بمرور الزمن، بل تستدعي أدوات جديدة لروايتها: من الأدب إلى السينما، من السجون إلى المنفى، من الأرشيفات الممنوعة إلى التوثيق الحيّ. وهنا تظهر مقولات مثل "التاريخ المفروض" الذي يهمّش ما لا يناسب السردية القومية أو الكولونيالية، ويطمس المعاناة التي لا تجد لغتها في خطاب الدولة أو السوق.

تمثيل العنف ومآلات الذاكرة

يطرح هذا الكتاب سؤالَين جوهريَّين، هما: من يكتب التاريخ؟ ومن يروي العنف؟ إنّ التمثيل الثقافي للمعاناة ليس شكلًا جماليًّا فحسب، بل هو معركة من أجل المعنى أيضًا. وإنّ مرحلتَي ما بعد الحداثة وما بعد الكولونيالية لا تُختزلان في لحظتين فكريتين، بل إنّهما من بين الأدوات النقدية في فهم كيفية بناء التاريخ، وكيفية تحريف الذاكرة، وكيفية تحوّل الصمت أحيانًا إلى ما يزيد على بلاغة الكلام نفسِه. فبين عنف الاستعمار وعنف الجهادية، بين خطاب الإنقاذ وخطاب المقاومة، تتشكّل خرائط المعاناة، وتظل الذاكرة مجالًا للصراع، بدلًا من أن تكون ملاذًا للطمأنينة.


* موقع الكتب الإلكترونية يرحب بتعليقات و مناقشات المشاركين الحية و المهذبة في نفس الوقت ، لذلك نحن لا نتيح شاشة التعليقات ظاهرة و مفتوحة بشكل افتراضي، الى أن يقوم المستخدم بتسجيل الدخول.
البيانات غير متوفرة للمراجعات
كتب متعلقة