تقدم الدراسة مساهمة في التطوير المفاهيمي والنظري لتشخيص سياسات التنمية البديلة في مجتمعات بلدان الثورات العربية واقتراحها، حيث إنها تأخذ بالمقاربة السياقية في عمليات المفصلة والتحليل والتمييز للظواهر ورسم البدائل وفق الخصوصيات المحلية، بعيداً عن مسلّمات النظريات الكبرى والأيديولوجيات التي تتغافل في معالجاتها عن ثراء الخصوصيات الثقافية وعن فهم منظومات القيم المحلية وضرورة توفير استجابات لها في السياسات التنموية. كما تأخذ بمقاربات وأدوات منهجية جديدة متعددة المعارف وعابرة للتخصصات في العلوم الاجتماعية، وذلك لتجنُّب الاختزالية في استيعاب ما يجري. وقد التزمت الدراسة بمفهوم «الفرص التاريخية » في عملية صوغ الفرضيات والتأويل والتحليل بما يلائم المقطع التأريخي الذي شهد ولادة ثورات الموجة الرابعة التي دشنتها البلدان العربية، وبالشكل الذي يملي عليها تجاوز تطبيقات الليبرالية الجديدة التي كرست حالة الإقصاء الاجتماعي وشكّلت، نتيجة تطبيقاتها السلبية، أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الثورات، وتبنّي عوضًا عن ذلك سياسات تنحو نحو التضمين الاجتماعي للفئات التي تعرضت للتهميش عقودًا طويلة بحيث تؤمّن لها توسيع النفاذ الى السوق من جانب وتوسيع النفاذ الى عملية صنع القرار من جانب آخر. وفي اختيار بدائل السياسات التنموية تعتمد الدراسة وحدتين أساسيتين للتحليل: أُولاهما الاقتصاد المالي والنقدي، وثانيتهما اقتصاد الشأن الإنساني (اقتصاد العيش الكريم الذي يسلّم باقتران التنمية بالحرية ويركز على اقتصاد المواطنة ك «ممارسة » لا كمنظومة حقوق فحسب، ويعمل على الرفع من شأنها).