إن سؤال العلاقة بين النقد والأدب أعمق من أن تُخيزَل في حدود الاشتغال على دراسة العناصر التي تجعل من عمل ما عم أدبيًا أو على المعاني المتعددة واللانهائية، فهو يمتد بالقدر نفسه إلى الفضاء الذي فيه يتشكل الأدب وكذلك الوعي به، أي إلى الاهتمام بالمحتّم في تكوِّن الثقافة وأنساقها، وهو ما يقتضي وضع الأدب في سياق أوسع. ترمي هذه الدراسة إلى إظهار الإضافة التي تقدمها الدراسات الثقافية في هذا النمط من الاشتغال المنفتح الذي يستند إلى فرضيات جديدة تعتبر الأدب والرواية بشكل خاص ممارسة ثقافية يتطلب بناء المعرفة بها قدرة على تكليم ذلك المجهول الذي يثوي خلف الدلالة المباشرة. وهذا ما يقتضي، إلى جانب الاهتمام بخصوصية النص كخطاب لغوي جمالي، وعيًا بالسياق الثقافي الواسع الذي يتحقق فيه، وذلك من أجل إنارة النص وتسليط ما يكفي من الضوء عليه حتى يكشف عن الأنساق المضمرة فيه. هذا التحليل الثقافي يتم التفكير في أدواته ومفهومه للخطاب الأدبي انطلاقًا من الأعمال النقدية لإدوارد سعيد الذي يتعيّن بوصفه من أبرز النقاد الثقافيين الذين أثْروا الدراسات الثقافية. لذلك، فإن منهجية القراءة الطباقية التي استند إليها في تفكيك نظم الإمبريالية والمقاومة الوطنية المعارضة للهيمنة، وانعكاس أنساق الهيمنة والمقاومة في الثقافة، هذه المنهجية لا تجترح كوى جديدة في تلقّي الأدب فحسب، بل تتجاوز ذلك إلى الإلماع إلى الرهانات الإنسانية لهذا النمط من التحليل. إنه رهان البحث عن فضاء ثالث يتعيّن أفقًا للتعددية والحوارية والثراء الإنساني.