تهدف هذه الدراسة الميدانية أولًا إلى الكشف عن أوجه الاختلاف والتماثل بين مواقف أعضاء " حركة العدل والإحسان" ومواقف "حزب العدالة والتنمية" من الدولة المدنية، وتهدف ثانيًا إلى إيضاح مدى استعداد أعضاء كلتا الحركتين لتغيير مواقفهما من الدولة المدنية، إن هما واجهتا وضعيات إحراج معرفي تتضمن مواقف مضادة.
طبقًا لما أسفرت عنه الدراسة من نتائج، فإن مواقف الحركتين من الدولة المدنية تبقى مطبوعة بالتماثل والثبات من جهة رفضها فكرة أن يكون حاكم الدولة المسلمة غير مسلم، وتأكيدهما أهمية المشاركة السياسية في ظلِّ نظام الحكم الإسلامي، بوصفها مرادفًا للشورى.
أما الجانب المتحول والمتباين لدى الحركتين، فيتجلى في كون "العدالة والتنمية" أكثر تقبلًا لنوع من العلمانية الجزئية ولانتخاب مسؤولي الدوائر الحكومية مقارنة ب"العدالة والإحسان" علاوة على وجود تباين بين الحركتين على مستوى صيرورة التغير في مواقفهما والمتمثّل في استقرار عدد المواقف الإيجابية لدى "العدالة والتنمية" تجاه الانتخابات لاختيار الحاكم، في مقابل ارتفاعه لدى "العدالة والإحسان" ليبلغ بعد وضعية الإحراج المعرفي ما تم تسجيله هو نفسه لدى "العدالة والتنمية" يضاف إلى ذلك تراجع عدد مواقف "العدالة والتنمية " الإيجابية من فصل السلطات، بينما شهد هذا العدد استقرارًا لدى "العدل والإحسان ويبرز التحول في مواقف مجموع أفراد العيّنة ("العدل والإحسان" و"العدل والتنمية" معًا) بعد عملية الإحراج المعرفي، من خلال ارتفاع عدد المواقف الإيجابية من العلمانية وانخفاض المواقف من الديمقراطية، والتراجع الهامشي لعدد المواقف الإيجابية من التعددية الحزبية ومن انتخاب مسؤولي الهيئات الحكومية.