لا يزال الفكر الإنساني منشغلًا بالأسئلة المتعلقة بالعدالة والحق والمساواة، وبما يرتبط بها من مسائل أخرى، مثل مسألة القانون والدولة والسلطة والمواطنة. وقد مثّل التساؤل عن العدالة منذ أفلاطون وأرسطو حتى رولز جزءًا من مسار الفلسفة في إطار فلسفة السياسة والقانون. ويمثّل الحضور الراهن لمفهوم "العدالة الانتقالية" - بما هو صيغة جديدة في الممارسة الحقوقية والسياسية والاجتماعية - في النقاش الفكري حقيقة العودة الدائمة إلى طرح مسألة العدالة من جديد، وأهمية هذه العودة.
يُطرح سؤال العدالة دائمًا من خلال التساؤل عن ماهيتها وعن مدى ارتباطها بالأخلاق والسياسة والقانون، وذلك بكيفية نظرية تبحث في أسسها الأنطولوجية وتجلياتها الاجتماعية. إلا أن طرح سؤالها الآن من خلال مفهوم العدالة الانتقالية يأتي في إطار مغاير للسياق السابق الذكر، نظرًا إلى ارتباطه بسياقات النظر العملي والإجرائي الذي يتم ضمن ما بات يُعرف بفكر الأخلاقيات التطبيقية.