كتاب المرشدية في محيطها العلوي وأجواؤها السياسية والاجتماعية (1923 - 1946)، للكاتب والمؤرخ عبدالله حنّا، هو الأول في سلسة "دفاتر أسطور"؛ وهي نوع من الكراسات المتوسطة الحجم (18 ألف كلمة أو أكثر) تنشرها مجلة أسطور على نحوٍ مستقل عن أعدادها، وتغطّي موضوعًا تاريخيًا معينًا متعلّقًا بواقعة، أو وثيقة، أو مخطوطة، وما شابه ذلك.
ويشتمل هذا الكتاب الصادر عام 2015 على 143 صفحةً من القطع الصغير، وهو محاولة للاقتراب من جماعة المرشدية وعقائدها ومصائر دعاتها، استنادًا إلى التاريخ الشفوي، وإلى روايات كثيرة اختبرها الكاتب بنفسه. ويُعدُّ هذا الكتاب مساهمةً في إعادة اكتشاف الجبل العلوي في سورية في ضوء وقائع التاريخ القريب والمدوّنات السياسية والمذكرات التي تناولت سورية في عهد الانتداب الفرنسي وفي حقبة الاستقلال، وهو يندرج في نطاق التأريخ لحركات العامة والفلاحين التي كرّس عبدالله حنّا شوطًا من حياته للكتابة عنها.
والمرشدية، بحسب الكاتب، حركة دينية ظهرت في سورية بين بعض العشائر العلوية في عشرينيات القرن العشرين، واستقلت دينيًا عن العلويين بعد أن تحولت إلى دين ومذهب روحي يستند إلى "الغيبة"، وقد ظهرت هذه الحركة بوصفها محاولةً لتوحيد العشائر الغسانية في الجبل العلوي في كتلة واحدة، ثمّ تطورت لتصبح حركة إصلاح ديني، وحركةً اجتماعيةً فلاحيةً وطنيةً ضد الاحتلال الفرنسي.
يشتمل الكتاب على ثلاثة فصول رئيسة، أوّلها "الجبل العلوي في الثلث الأول من القرن العشرين"، وفيه يوضح الكاتب الوضع الاجتماعي لسكّان الجبل العلوي في مطلع القرن العشرين، مقسِّمًا المناطق العلوية إلى أقضية سبعة، هي: قضاء تلكلخ، وقضاء جبلة، وقضاء اللاذقية، وقضاء الحفة، وقضاء طرطوس، وقضاء بانياس، وقضاء صافيتا، موضحًا التكوين الديموغرافي لكلّ قضاء، والتقسيمات الطبقية والاجتماعية التي كانت سائدةً، وموضحًا أيضًا الفارق في الوضع الاجتماعي بين الشيوخ والعامة.
وفي الفصل الثاني "النهضة العربية في الساحل السوري في النصف الأول من القرن العشرين"، يتحدث المؤلف عن أوضاع العلويين في ظل الحُكم العثماني، وعن إرهاصات النهضة العربية وتجلياتها في الجبل العلوي، راصدًا تنامي الحس القومي والمشاعر الوطنية من خلال شخصيات وأعلام مؤثِّرة؛ من بينها الشاعران بدوي الجبل ونديم محمد، لينتقل إلى الأحزاب العلمانية في جبل العلويين، ذاكرًا الحزب السوري القومي الاجتماعي، وحزب البعث العربي الاشتراكي، والحزب الشيوعي السوري.
وفي الفصل الثالث "الحركة المرشدية في مرحلتها الأولى (1923 – 1946)"، يعرّف المؤلف بسلمان المرشد ويتحدث عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي ساعدت على انتشار حركته، موضحًا مواقفه السياسية من الانتداب ومن الحركة الوطنية ورجالاتها. ليُختَم الكتاب بملحق اشتمل على عديد النصوص المنقولة عن المرشد والمرشدية.