ضمّ الموحدون إلى دولتهم مجالًا شاسعًا من الغرب الإسلامي بتوسّعهم شرقًا؛ ففتحوا على أنفسهم جبهةً مع القبائل العربية التي كانت في إفريقية ومع بني غانية أصحاب الجزر الشرقية (البليار) الذين ركّزوا هجماتهم على شرق الدولة. وولّى الموحدون وجهة اهتمامهم شطر الشرق، وتمثّل ذلك بالحملات العسكرية الضخمة التي كانت توجّه إليه تحت قيادة الحكام الموحدين أنفسهم. في حين كانت لهم جبهة شمالية في الأندلس أخطر بكثير، لم يحشدوا لها ما كان ينبغي من جهد وإعداد. ولم يكن ما خصصوه عسكريًا للأندلس بحجم ما بذلوه على الجبهة الشرقية التي لم يكن التوجّه إليها منذ البداية ملحًا ولا ضروريًا.
ولم يتمكن الموحدون من المحافظة على ما كان تحت يد سابقيهم المرابطين من الأندلس بسبب الثورات الداخلية وتحرشات حركة الاسترداد المسيحية. وكشف هذا التوجّه خطأ الإستراتيجية العسكرية الموحدية في غرب المتوسط عقب هزيمة العقاب. وكانت له عواقب كارثية على الأندلس وعلى المغرب؛ إذ استطاعت حركة الاسترداد الاستيلاء على الجزر الشرقية بعد وقت وجيز من دخول الموحدين إليها. وسقطت زمن الموحدين أيضًا حواضر كبرى من قبيل قرطبة وبلنسية ومرسية وجيان وإشبيلية وحصون مهمّة في يد المسيحيين الذين هاجموهم في عقر دارهم في المغرب أيضًا. وهذا يفسر غياب نظرة جيو سياسية متّزنة ومبنية على واقع التحولات التي كان عليها الحوض الغربي للمتوسط، فالخطر كان قادمًا من الشمال، وليس من الجهة الشرقية.