ضمّ الكتاب السنوي "استشراف" للعام 2016، نخبة من المساهمات العلمية النوعية المهمّة والجديدة، تركّز بدرجةٍ أساس على العديد من الجوانب المنهجية والإبستيمولوجية للاستشراف؛ أوّلها إسهامٌ هوغ دو جوفنيل، رئيس "الجمعية المستقبلية الدولية" ورئيس تحرير مجلة "فوتوريبل" ومؤسّسها في عام 1975، وهي المجلّة التي أطفأت هذه السنة شمعتها الأربعين واحتفلت بعددها الأربعمائة. ويعرض دو جوفنيل في مقاله الموسوم "الاستشراف والسياسة" الذي خصّ به كتاب "استشراف" السنوي، للعديد من القضايا المهمة وفي مقدّمتها سؤال فائدة المقاربات الاستشرافية وفاعليتها، مبيّنًا أنه من الصعب الإجابة عن هذا السؤال ما دام أنّ الرابط معقّدٌ بين التفكير، واتخاذ القرار، والفعل، ومؤكّدًا على أهمّيته في مساءلة أنماط النظر والاستدلال التي غالبًا ما تُلجم الفعل؛ ومن ثمّ، تحدّيها.
كما يركّز هذا العدد الأول بدرجةٍ أساس على الجوانب المنهجية والإبستيمولوجية للاستشراف، وهو يروم بذلك أن يكون عددًا تأسيسًّيا للتراكم العلمي العربي المُرتجى في هذا المجال؛ ومن ثمّ، نجده يتضمّن عددًا من المقالات العلمية التي تخدم هذا المبتغى: "تكامل التقنيات المنهجية الكمية والكيفية في الدراسات المستقبلية" (وليد عبد الحي)؛ "أهمية 'صناعة' المؤشّرات في الاستشراف الاستراتيجي: مدخل معرفي منهجي" (قـاسـم حجـاج)؛ "الخيارات المعرفية والمنهجية في بناء السيناريوهات لدى المدارس الاستشرافية المختلفة" (محمد خميس)؛ "دراسات المستقبلات: رؤيةٌ في إشكاليات المفهوم ومقاربات التوظيف" (مازن الرمضاني)؛ "إنتاج سيناريوهاتٍ بالمئات: كيف تُجدّد المناهج الإحصائية المقاربات الاستشرافية" (سيلين غيفارش وجولي روزنبرغ). ويروم الكتاب السنوي الأول أيضًا الإسهام في درس حصيلة الدراسات المستقبلية العربية خلال العقود القليلة الماضية وتحليلها، لا سيّما من خلال مقالين مخصّصين لهذا المرام: "تأثير الأبعاد المنهجية على الحصيلة العلمية والمجتمعية للدراسات المستقبلية العربية" (ناصر محمد علي الطويل)؛ "مشروع استشراف مستقبل الوطن العربي "مستقبل الأمة العربية: التحدّيات.. الخيارات: استشرافٌ للمستقبل أم تطلُّعٌ أيديولوجي؟" (شمس الدين الكيلاني).