تقدّم هذه الورقة نظرة ابن خلدون إلى علاقة العرب والأوروبيين بالبحر. فهو يرى أنّ العرب لم يصبحوا من أهل البحر، إلّا بعد اختلاطهم بالشعوب البحرية التي كانت تتمتع بالدربة والمعرفة. وحاول أن يبرر ذلك بالتاريخ البدوي للعرب. وهو في رأي ابن خلدون من المعوقات التي لم تسمح لهم بممارسة البحر وركوبه. ولكن مع ذلك، فقد استطاع العرب الأخذ بناصية البحر والسيطرة عليه سيطرة مطلقة، حتى أنّ النصارى على حد قوله لم تكن لهم القدرة على وضع خشبة في البحر المتوسط. وقد قدّم ابن خلدون العلاقة بالبحر بحسب نموذج الدورات التاريخية البحرية التي بها فسر تطوّر الزمن التاريخي.
إنّ القراءة الخلدونية لموضوع الملاحة البحرية تكشف عن وعي بأهمية التراكم المعرفي، وتبين عن إدراك مسألة تعاقب الأزمنة في أدوار ومراحل على شاكلة الأدوار التاريخية التي تمرّ بها الحضارات.