تقوم فكرة المجتمع المدني في هذه الدراسة على مبدأ استقلالية المجتمع الاقتصادي عن المجتمع السياسي بوصفه شرطًا تاريخيًا أساسيًا لتقليص الطابع الافتراسي للسلطة السياسية والحدّ من تغوّلها على المجتمع. وتتساءل الدراسة عن الأسباب التي تعيق تحقق المجتمع المدني في الجزائر المعاصرة على الرغم من إقرار التعددية الحزبية . والليبرالية الاقتصادية منذ دستور 1989 نفترض أنّ استمرار الطابع الريعي للاقتصاد في الجزائر سمح للنظام بامتلاك أدوات إبطال مفعول التعددية السياسية، واحتواء الآثار السياسية لليبرالية الاقتصادية، وذلك من خلال استخدام الموارد الريعية لاستزلام النخب وإحكام القبضة عليها ومن ورائها المجتمع. كما نحاول رسم الاقتصاد السياسي لتجربة الانتقال الديمقراطي غير المكتملة في الجزائر عبر البحث في أسباب عدم قدرة رأس المال الخاص على القيام بدور تاريخي في تحقق المجتمع المدني ودمقرطة الحقل السياسي على غرار ما قامت به البورجوازية في فجر الحداثة الأولى في أوروبا الغربية.