ترتب على النهوض الصيني، ومن ثمّ التنمية السلمية، انتشار المصالح الجوهرية الصينية في العالم وتوسّعها. وأصبح الشرق الأوسط/ الوطن العربي من بين الأقاليم ذات الأهمية الحيوية لاستدامة النهوض والتنمية الصينية. واختارت الصين إستراتيجية القوة الناعمة مقاربةً لتعزيز العلاقات بالدول العربية، ومن آلياتها الشراكة الإستراتيجية. ولمقاربة القوة الناعمة الصينية خصائص تميزها عن غيرها من تلك التي تقيمها القوى الكبرى الأخرى، فهي لا تسعى لإملاء شروط من الأعلى، ولا ترمي إلى التدخل في الشؤون الداخلية، ولا تقوم على الصراع الحضاري الثقافي، بل هدفها نشر القيم الصينية من خلال العلاقات الثقافية والدبلوماسية العامة والتعاون الاقتصادي. والقوة الصينية الناعمة دفاعية الطابع، ترمي إلى تصحيح المدركات التي يمسخها الغرب بعنوان "التهديد الصيني" وتوضيح النوايا السلمية وأهداف السياسة الخارجية الصينية. إنّ دوافع الشراكة الصينية - العربية، كما في سواها جيواقتصادية، ومع ذلك تترتب عليها انعكاسات جيوبوليتيكية وجيوستراتيجية، فهي وسيلة لإستراتيجية "التمحور في الغرب".