أثار أدب الهولوكوست جدلًا واسعًا حول إمكان محاكاة ما لا يمكن محاكاته، باعتبار أن الهولوكوست حدثٌ فريد في تاريخ البشرية، استهدف استئصال الوجود اليهودي في أوروبا. ويتلخص هذا الجدل في أن الأدب قد يعجز عن تصوير حقائق الحدث التاريخي، بل ربما يزيفها. وتدور الإشكالية الرئيسة حول شرعية مزج التاريخ والأدب، وتداعيات هذا المزج، وملاءمة المحاكاة وحدودها. وتهدف الدراسة إلى استكشاف هذه الإشكالية في علاقتها بالحقيقة والخيال، وذلك من خلال المقارنة بين نصين أدبيين عن الهولوكوست؛ هما يوميات فتاة صغيرة لآن فرانك Anne Frank، وسِتلا لآد فاغنار Aad Wagenaar. ويتبين من المقارنة أن اقتصار تعريف الهولوكوست على الجماعات اليهودية قد فرض حدوده على الكتابة الإبداعية. ويتضح أن سرد تفاصيل القصة الصغرى في كل نص (حياة كل فتاة ومصيرها) يأتي في إطار قصة كبرى (الهوية اليهودية المقهورة). وتكشفت المقارنة عن طبيعة "سياسة الذاكرة" أو الوظيفة المزدوجة للذاكرة، فربما تكون الذاكرة أداة للتمجيد والأيقنة Iconizationأو التوثين والتقديس الأعمىIdolization ، وربما تكون أداة للتهميش أو التمكين؛ ومع ذلك، يعجز النصان عن تجاوز دائرة تخصيص الهولوكوست وخصخصتها: خصخصة التجربة اليهودية (يوميات فتاة صغيرة)، وخصخصة تجربة الغجر (سِتلا).